(وسيلة أخرى شريفة جداً. . . الزواج. . . ولكنه ليس زواجا بهذه الفتاة أو تلك. . . وإنما هو طلب الانضواء تحت لواء اسم كبير. . . أو أسرة عتيدة. . .)
فانبسطت أسارير وجه الشاب وخفق قلبه من نشوة الأمل وصاح:
(هذا علي هين. . .)
(لا تتسرع فليس الأمر كما تظن. . . فشهادتك لا تكفي. . . هذه الأسر تهمها المحافظة على المظاهر. . . وصون اسمها عن انتقادات الصالونات ما أمكن. . . فمهر كبير يخرس الألسن ويدعم أي ادعاء وإن بعد عن الحقيقة. . .)
فعاوده اليأس واستشعر الخيبة مرة أخرى وقال: -
(فلألحق بوظيفة. . . وليدعوا لي فرصة حتى اقتصد من مرتبي وأفي بوعدي. .)
(وما الداعي لرهان غير مضمون. . . والزبائن النافعون غيرك غير قليلين. .؟)
(إذاً هات وسيلة أخرى. . .)
(وا سفاه إنها لا تكاد تختلف عن هذه إلا في الاسم. .: هي المال)
(وكم ينبغي أن أدفع؟)
(مهر الوظائف التي تطلب من الألف فصاعدا. . .)
الألف. . . إن والده لم يربح من الحكومة طوال عمره بها ضعف هذا المبلغ فكيف يأتي به في ساعة من الزمن؟ أواه. . . إن اليأس ينشب فيه أظافره فيستقر في قلبه. . . ولكن التمعت في ذهنه فكرة فصاح:
(لم لا يقرضني صاحبك المرابي المبلغ الذي يريد ويكتب علي صكا أسدده فيما بعد من مرتبي؟)
(فكرة حسنة، ولكنه رجل مرت به جميع التجارب وهو يرفض عادة أن يقرض مبالغ ضخمة لغير ذوي المراكز المالية المضمونة، ولكنه قد لا يرى بأساً من كتابة صكوك وهمية كهذه بمبالغ صغيرة. . . مائة جنيه أو مائتين لمن يرغب في وظيفة كتابية مثلا. . .)
وظيفة كتابية؟ أين هذه من المجد والوزارة ومَثَله الباشا العظيم؟