النازية في النمسا وأوربا الوسطى، وأن ما يجمع بين السياستين هو عاطفة السخط على الدول التي استغلت ظفر الحرب واستولت على جميع الثمار والأسلاب، ولكن هذه الجامعة السلبية ينقصها كثير من عناصر الوئام والتناسق. وكتاب الأستاذ كار على العموم سجل بديع لتاريخ الدبلوماسية الأوربية منذ خاتمة الحرب الكبرى إلى يومنا.
الحب والشعراء
قرأت المقال الطريف (في الحب أيضاً) للأستاذ الأديب إبراهيم عبد القادر المازني في الرسالة عدد ٢٠٨ حتى وصلت إلى قوله: (وخليق بالمرء وهو ينظر إلى هذه الفتنة المجتمعة، أن تدركه الحيرة، وأن يزوغ بصره، فلا يعود يدري أي هؤلاء الجميلات أولى بحبه، فإن لكل جسم فتنة، ولكل محيا سحره، ولو أني وقفت على البحر لكان الأرجح أن أحب هؤلاء جميعاً، جملة، وأن أشتهي أن أضمهن كلهن في عناق واحد فإن الظلم قبيح. ونفسي لا تطاوعني على غمط الجمال في أية صورة من صوره. ومن يدري لعل القدرة على إدراك معاني الجمال في مظاهره المختلفة هي التي وقتني الحب، ومنعت أن أعشق واحدة على الخصوص وأجن بها) الخ
وهنا رأيت أن روح التصوف قد حلت في الأستاذ من غير أن يعرفها، أو يعرفها ولا يريد أن يتظاهر بها. فإنه بين الصوفية من يقول:(همه أوست) أي كل شيء هو؛ ويرى أن الله روح سائر في الكون. فكل شيء فيه مظهر من مظاهر جماله تعالى. لذلك لا وجود للقبح عندهم بل كل شيء حسن في ذاته. وهؤلاء غير من يقول (همه أزوست) أي كل شيء منه. فهم لا يقولون كقولهم إن الله روح سائر في الكون، بل إنه تعالى مصدر لوجود الكون، وإن كل شيء في الكون وميض جمال قدرته وشعاع كمال صنعه؛ وعلى هذا فلا وجود للقبح بالنسبة إلى قدرته تعالى وصنعه
ولكن هؤلاء الصوفية مع تلك العقيدة لم يضنوا بقلوبهم على فرد خاص من أفراد الجمال الكثيرة في هذا العالم كما يضن الأستاذ بقلبه. فإننا كلما تتبعنا حوادث حياتهم ودرسنا سيرتهم وجدنا أن قلب كل منهم تقريباً علق بفرد خاص من أولئك الأفراد وأصبح فيما بعد دليلاً لسموهم النفسي، وسبباً لتقدمهم الروحاني
بقى ما هو الحب؟ فينظر الأستاذ إليه نظرة المتشائم ويقول إنه مرض، وينسب ما أتصف