للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صغيراً يبين دعواي: قال ابن هشام في كتابه أوضح المسالك: وللفاعل أحكام: أحدها الرفع. . . الثاني وقوعه بعد المسند. . . الثالث أنه لا بد منه. . . الرابع أنه يصح حذف فعله. . . الخامس أن فعله يوحد مع تثنيته وجمعه. . . السادس أنه إن كان مؤنثاً أنث فعله بتاء ساكنة. . . السابع أن الأصل فيه أن يتصل بفعله، ثم يجيء المفعول، وقد يعكس، وقد يتقدمهما المفعول، وكل من ذلك جائز وواجب. . الخ فأنت ترى من هذا أن حكم آخر الكلمة لم ينل إلا واحداً من سبعة - بل أقل من ذلك كثيراً - من عناية ابن هشام؛ أما بقية أحكام الفاعل فهي علاقته بالكلمة التي قبله وبعده، وما يعرض لهذه العلاقة من تذكير أو تأنيث أو تقديم أو تأخير أو غير ذلك. وإذا شئت أن أعد الكثير من أبواب النحو التي تنقض ادعاء المؤلف طال بي القول وانتهى بي إلى الإملال

أما إذا قصد المؤلف إلى أن من غرض النحو أن يفضل أسلوباً على أسلوب، أو أن يوجب نحواً خاصاً من التعبير إذا كان الحال يستدعيه، أو أن يبين سر جمال نوع من القول - فذلك أمر قد تكفل به علم المعاني والبيان والبديع، فالنحو مثلاً يقف أمام الجمل الآتية موقف المصحح لها جميعاً وهي: مصر مستقلة، وإن مصر مستقلة، وإن مصر لمستقلة، واستقلت مصر، ومصر استقلت؛ يصحح النحو هذه الجمل كلها ويقبلها، وإذا تكلمت بواحدة منها في أي حال قبلها النحو، ولم يخطئها؛ أما علم المعاني فينظر إلى الحال التي يقال فيها الكلام، فعندما يكون المخاطب منكراً استقلال مصر مثلاً وقلت مصر مستقلة كنت مخطئاً، لأن الحال يستدعي أن تؤكد له القول، وأن تقول له: إن مصر مستقلة. فإذا أراد المؤلف أن يجعل ما يبحث فيه علم المعاني والبيان من اختصاص علم النحو، ومما يجب أن تتناوله بحوثه، فأنه لم يزد على أن ضم علمين أحدهما إلى الآخر من غير ضرورة ملحة بل ضماً يجلب معه الاضطراب والخلط.

هذا إلى أن المؤلف لم يشر إلى علاقة الكلمة بالكلمة. ولا ارتباط الجملة بالجملة من أول كتابه إلى آخره، بل قصره على حكم آخر الكلمات، ولم يعن بغيرها.

فلسفة العامل

أطنب المؤلف في ذكر فلسفة العامل وبيان أهميته لدى النحاة، ذم أخذ ينقذ مذهبهم من غير أن يذكر رأيه الصريح في العامل، فالنحاة قد اضطروا - لمذهبهم في وجوب ذكر العامل -

<<  <  ج:
ص:  >  >>