للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد تأثرت الثورة الفرنسية بهذا التيار من الأفكار. وفي ١٨ مايو سنة ١٧٩٠ أعلن (فولتي) للجمعية التأسيسية قوله: (ستدعون إلى الانعقاد جمعية الأمم) ووجهة النظر هذه اقتبسها بعض عظماء المفكرين، وعلى الأخص الفيلسوف الألماني (كانت) فقد أعلن أن الحرب هي حالة الإنسانية الطبيعية، وإذن ينبغي إيجاد حالة للسلام بتكوين حلف من شعوب حرة. والشعوب الحرة في اعتقاده لا تكون إلا في الجمهورية. وكثير من أفكار كانت، وعلى الأخص الفكرة الأخيرة، اعتنقها الرئيس ويلسون ونادى بها كما هو معروف

وأول من ابتكر اسم (عصبة الأمم) هو الكاتب الفرنسي المشهور (جوزيف دي مستر)، فقد وردت للمرة الأولى في حديثه السابع من كتابه الذائع الصيت (أمسيات سان بطرسبرج)

وفي أثناء حروب نابليون الأول وعقب سقوطه، دار البحث عن إنشاء هيئة لمنع عودة مثل تلك الحروب. ومن أجل ذلك فكر القيصر إسكندر الأول الروسي في إقامة الحلف المقدس، أو الحلف الديني بين الملوك. وكان الغرض منه الدفاع عن مصالح الملوك أكثر مما يكون الدفاع عن قواعد السلام

وخلال القرن التاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين، انتشرت أفكار الجنسية والقومية وشقت طريقها بين الشعوب الأوربية، بفضل المفكرين الذين يعتبرون أن أوربا هي الأسرة الوحيدة للشعوب الحرة.

وعقب الحرب الألمانية الفرنسية في سنة ١٨٧٠، خيم على أوربا ضيق سياسي شديد، فحاول رجال الدولة تبديده بخلق توازن أوربي تكون مهمته تجنب ألوان الخلاف والشقاق. وظلت الأفكار التي ترمي إلى التفاهم الدولي تنمو وتقوى حتى حرب سنة ١٩١٤. والذي يدل على نمو هذه الأفكار، كثرة عدد المؤتمرات التي أقيمت من سنة ١٨٧٠ إلى سنة ١٩١٤ وإنشاء هيئة قضائية دولية في لاهاي واتفاقيات السلام الموقعة السلام في سنة ١٨٩٩، وسنة ١٩٠٧ وهذه المحاولات كلها أدت إلى تكوين عصبة الأمم في سنة ١٩٢٠.

وحين إنشائها، قامت عقبة فلسفية عملية مأتاها: كيف العمل لحمل الدول التي تزداد ميلاً يوماً بعد يوم إلى الأخذ بمذهب الفردية، على الخضوع لعصبة الأمم؟ وهل ينبغي جعل عصبة الأمم دولة عليا حتى تقوم بدور هام، أو جعلها تقتصر على أداء أعمال ثانوية فقط؟ وفي الحق أننا إذا أنعمنا النظر نجد أن من الصعب على أمة من الأمم أن تقبل سلطة أعلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>