من سلطتها، أو أن تقبل أن يكون للعصبة الحق في فرض سلطانها على الدول، لاسيما وهذه العصبة تعتمد على مبدأ ديني كما كان الحال في القرون الوسطى.
ولكي تكون عصبة الأمم ذات مبدأ مقبول، ينبغي أن تقدر كل القوى الدولية. وهذه القوى ليست الدول فقط، ولكنها كامنة أيضاً في بعض هيئات دولية وبعض تيارات فكرية. وربما نرى في المستقبل هذه العصبة تدعو إلى تمثيل الدول فيها، ممثلي القوى الدينية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا أمر صعب التحقيق، ولكنه إذا تحقق يجعل للعصبة نفوذاً أقوى مما لها الآن.
٢ - تكوين عصبة الأمم
ولدت عصبة الأمم رسمياً في ١٦ يناير سنة ١٩٢٠ في وزارة الخارجية الفرنسية بباريس، حيث اجتمع مجلس الإدارة لمرة الأولى برآسة المسيو ليون بورجوا الفرنسي، المكونة من ممثلي الدول الكبرى المتحالفة، وقام بأعمال السكرتير السير جيمس آرك درموند: ولم يصدف عن هذا المجلس من الحلفاء إلا الولايات المتحدة الأمريكية، حتى قيل إن عصبة الأمم ولدت مشوهة هزيلة وكانت أولى خطواتها عرجاء
كيف تكونت عصبة الأمم هذه؟
أخذت فكرتها مكاناً كبيراً أثناء الحرب العظمى وسيطرت على مفاوضات الصلح، حتى أن الحلفاء وضعوا ميثاق العصبة في مقدمة معاهدات الصلح جميعاً. وهذا الميثاق لكبير أهميته ثم لروح الخلاف الذي بدأ يدب بين الحلفاء أنفسهم، كان شديد الصعوبة في إعداده. وقد اجتمع المندوبون فوق العادة الذين كلفوا القيام بهذا الأمر في باريس، وحاولوا ونجحوا آخر الأمر في التوفيق بين المشروعين الإنجليزي والأمريكي. والنص الأخير الذي اتفق عليه هو في الواقع ما عرضه الرئيس ويلسون مع بعض تحفظات هامة أرادتها بريطانيا لتجنب نفسها التدخل في منازعات الشعوب الأخرى
انتظم في سلك العصبة معظم الدول. ففي مبدأ الأمر، اشتملت على كل الدول التي قامت في وجه ألمانيا ووقعت على معاهدات الصلح. وهذه الدول هي: بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بريطانيا، كندا، استراليا، زيلندة الجديدة، الهند، ثم ارلندة بعد قليل، كوبا، جمهورية خط