أدبنا وتأثرت به وتأثر بها كالأدب الفارسي مثلاً الذي لا تزال علاقاته مع أدبنا تكاد تكون مجهولة.
أجل! قد ولى عهد كان يرى أن الإنسان مملكة إلى قلب مملكة، وجاء عهد يرى أصحابه أن الإنسان شيء من أشياء هذه المملكة، يؤثر فيها ويتأثر بها بمقدار. . . وقد أوحت هذه النظرية للنقادة الفرنسي (تين) نظرية تحليل الأثر الأدبي بعوامل الجنس والبيئة والزمن. . . . ونظرية التطور أوحت (لبرونتيير) أن يعتبر الأنواع الأدبية ككائنات حية تتطور ويولد بعضها من بعض. وقد شاعت نظرية جديدة تقول إن الأثر الأدبي لا تكمل صفاته إلا بدرس صاحبه. لأن المؤلف إنما يصف نفسه ويمنح أشخاصه كثيراً من شخصيته. على أن الأثر الأدبي يخضع من وجوه كثيرة بالمؤلف إذا كان المؤلف نفسه ليس بسيد أثره الذي أعطاه، ولا بسيد عمله الذي يريد أن يظهره؟ بل نذهب إلى أبعد من هذا الحد ونقول: إن المؤلف هو الذي يطابق أثره ويمشي عليه، وليس الأثر هو الذي يطابقه. ومهما كان هذا النقد موضوعياً علمياً فمن الواجب أن يتبعه نقد ذاتي يبث الناقد فيه آراءه الذاتية الشخصية. ومن هذه الناحية تولد النقد (المنفعل أو المتأثر) الذي يرى أن الناقد الحقيقي عليها. ومهما أشرق على طبائع مختلفة ونماذج متباينة فهو يرعى شخصية وحدود اتصال الحادث بنفسه. ولكن هذه الذاتية إذا تطرفت كثيراً أخرجت النقد عن كونه علماً! ويطلب في الناقد الحقيقي أن يكون ذا موهبة تحليلية نفسية، وأن يكون قادراً على الخروج من حدود الذات ليمكنه تذوق الفكرة الغريبة مع صيانته لشخصيته. ونقد آخر يعمل على ترتيب درجات الآثار الأدبية، وآلة ذلك - كما يقول سانت بوف - الذوق، لأن الذوق يعبر عن كل دقيق وعن كل خفي يتمشى في أنفسنا!
ونشأ في إبان النهضة العلمية النقد الفلسفي، ويقول أصحابه: إن إلحاق النقد الأدبي بالعلم لا معنى له، إذ لا يوجد علم يختص بشخص دون شخص، والنقد الأدبي لا يعرف إلا الأفراد في الرجال والآثار. ويقول هؤلاء: إننا لا نضم العلم إلى النقد، ولكن نضم الفلسفة إليه. والنقد الحديث قد دخله شيء من مدرسة أفلاطون وشوبنهاور وبرغسون. نعم إن الغاية من الأدب والنقد إنشاء اللذة النفسية، ولكنا نريد أن نعرف تحليل هذه اللذة التي يغمرنا بها الشعراء والكتاب. وبذلك نزيدها أضعافاً مضاعفة. وهل كانت المجادلة على الشعر الصافي