الموضع (الرابع من الطبقة الأولى)؛ فقد أخبرت أنه لم يتم الرابعة والعشرين من عمره، ولذلك فإني لا أكتب عنه إلا ما أعرف من شعره، سواء كان فتى أوكهلاً؛ وهو قد طبع من ديوانه الجزء الأول من سنة مضت، وذكر في مقدمة شرحه أنه نظمه في عامين، وأنه لم يقل الشعر إلا منذ ثلاث سنوات من طبع ذلك الجزء؛ ولم ألبث أن رأيت منذ أشهر في بعض أعداد مجلة (الجامعة) تقريظاً مسهباً جداً للجزء الثاني من ديوان هذا الشاعر؛ فأكبرت ذلك، ولا شك أنه ينظم اليوم في الجزء الثالث قياساً على ما تقدم. . .
(ومما أمتاز به هذا الشاعر ولعه الشديد بالغزل، وبلوغه فيه أسمى ما يبلغه النظم؛ وله مزية أخرى، وهي غوصه على المعاني في الأغراض التي لم تطرق، وكثيرون يعدونه بذلك شاعر مصر، وديوانه معروف، وشعره مشهور. . . . الخ)
وقال عن شوقي:
(سيأخذ بعض القراء العجبُ إذا رأى شوقي بك ثاني الطبقة الثانية وهو هو (شوقي بك شاعر الحضرة الفخيمة الخديوية)، ولكنا نعجب أكثر منه إذ رأينا الشوقيات قد انقلبت إلى شوكيات؛ فأي ذووق سليم يطمئن لهذه المعاني المكررة وتلك الألفاظ النافرة من مثل:(قضي أرْيحيُّ القوم) وغيرها. ولا أدري لهذا الانقلاب سبباً إلا إذا صح ما يقال من أن (صبري وسلمان) كانا يهذبان شعر الرجل من قبل، وهو قول لا أجزم به ولا أرفضه. . .
(. . . . . وإنما أشتهر قديما يوم كان الكاظمي في العراق، والبارودي في سيلان، وصبري من مهذبي شعره على ما يقال، وحافظ في السودان، والرافعي لم يقل الشعر بعد - على ما قيل لي! - وأثبت له الشهرة إضافته إلى الحضرة الخديوية على نحو ما يذكر النحاة في باب (الجر) بالمجاورة. . . .)
وختم المقال بقوله:
(. . . وسنرى ما يكون من امتعاض الشعراء بعد هذا المقال، ولكني أطلب إليهم أن يخفضوا عن أنفسهم؛ فلا أنا من معية الأمير، ولا من حاشية السفير، وليس ما كتبت إلا رأيي، فليبق كلٌّ في رأيه وعند نفسه أشعر الشعراء)
وذيّلتْه مجلة (الثريا) بما يأتي:
(ألقى إلينا مكتب بريد الزيتون يوماً ملفاً ضخماً وارداً من مصر، وداخله كتاب موجز ومعه