المقالة المتقدمة للنشر. أما الكتاب فهذه صورته بعد الديباجة:
(. . . دونك مقالةً بكرا لم يُنسج على منوالها بعدُ في العربية، حَرِيّة بأن تصدّر بها مجلتك الغراء؛ ولا يروعنّك شدة لهجتها فكلها حقائق ثابتة، وإن آلمت البعض فان الحق أكبر من الجميع؛ وإني لبالمرصاد لكل من ينبري للرد عليها، وأنا كفء للجميع؛ وما أخال أحداً يستطيع أن ينقض حرفاً مما كتبته، وإن هم لزموا الصمت فحسبك من سكوتهم إذ ذاك إقراراً بأني أنزلت كل شاعر في المنزلة التي يستحقها.
(ولا يعنيك معرفة أسمى، فأنا أبن جَلا وطَلاّع الثنايا؛ فانظر إلى ما قيل وليس لمن قال، وبعد هذا فإن أعجبتك مقالتي فانشرها وإلا فاضرب بها عرض الحائط.
(وإني أقترح عليك أن تنشر جميع ما يردك من الردود في المعني، سواء جاهر أصحابها بأسمائهم أو تستروا، فإن الموضوع طليّ شهيّ، وفي إطلاقك الحرية للكتّاب ما ينشط بهم لحرية الجولان في هذا المضمار)
قالت الثريا: (وقد تصفحنا المقالة فراعنا شدة لهجة الكاتب وبتنا نقدم رجلاً ونؤخر أخرى في نشرها، إلى أن تغلب علينا الميل لنشرها، إن لم يكن لشيء فلكثرة ما حوته من رائق الأشعار لفحول الشعراء، وهم نخبة شعراء مصر في هذا العصر؛ فأقدمنا على نشرها كما وردتنا بالحرف الواحد، غير متحملين تبعتها؛ وللكتاب الأدباء الحرية في الرد عليها، وأبواب الثريا ترحب بكل ما يردها من هذا القبيل، سواء من المشتركين أو غيرهم
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يُهدّم، ومن لا يَظلم الناسَ يُظلَم
أحسب أن لهذا المقال أهمية كبيرة لمن يريد أن يدرس الرافعي دراسة أوسعَ قائمةً على قواعد من العلم والتحليل النفسي؛ وإنما يستأهل هذا الاهتمام من ثلاث نواح:
أولاً: إنه أول ما أنشأ الرافعي في النقد؛ فهو كالمقدمة لهذه المعارك الطاحنة التي قامت بين الرفعي ولفيف من أدباء عصره بعد ذلك بعشرين سنة؛ فلا بد لمن يريد أن يتحدث عن الرافعي في النقد أن يبدأ من هنا
ثانياً: إنه ثَبْتٌ جامع لأسماء الشعراء الذين نشأوا مع الرافعي في جيل واحد، وقرأ لهم ونظر في شعرهم نظر الناقد أو نظر المعجب المحتذى؛ فلا بد لمن يريد أن يتحدث عن الرافعي في الشعر، وعن الشعراء الذين تأثر بهم أو تأثروا به، أن يعرف هؤلاء الشعراء.