إله الشر على هذه الصورة المادية الساذجة، وإنما خطا به نحو التصوير المعنوي فرفعه إلى عالم المدركات العقلية وجعل له وزراء ستة كأهورا يختص كل واحد منهم بعمل من أعمال الشر والسوء، وعلى رأس هؤلاء وضعوا (أندرا) الإله الشعبي القديم، ولكن تحت أسم وزير سابع خاضع لأهرمان. ودون هؤلاء الوزراء وضع رجال الدين أيضاً ملائكة شر وأرواح سوء وشياطين وسوسة وضلال، وذلك مثل ملك الرعد وملك العواصف المدمرة، وكالأرواح الحالة في الحيوانات المؤذية والحشرات الضارة؛ وهناك أيضاً من هذا الحزب شياطين موكل كل واحد منها برذيلة من الرذائل، عليه أن ينميها وينشرها ويعلي شأنها
لم يكتف رجال الدين بهذا التقسيم، بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك فعينوا شمال بلاد فارس كمستقر لأرواح الشر وشياطينه، وعلموا الشعب بعض تعاويذ سحرية إذا قرأها المؤمن فرت من أمامه أرواح الشر وتضعضعت قوتها وهوت إلى مكان سحيق. وكان أهم هذه التعاويذ ما أخذ من الكتاب المقدس ثم قريء بطريقة خاصة ولهجة معينة ورنة مُوَقَّعَة.
الإنسان أو الشخصية البشرية
لم يوجد في القسم القديم من (زند أفيستا) ما ينبئنا برأي زرادشت في الشخصية البشرية من: جسم وروح من حيث المبدأ أو المصير، وإنما كل ما لدينا في هذا الشأن قد وجد في الأجزاء الأخيرة التي كتبت بعد عصر زرادشت بزمن غير يسير، أي بعد ما ارتقت المعارف الإنسانية نوعاً ما وبدأ الخاصة يفكرون في ثنائية الإنسان ويحللونه إلى جسم وروح.
يجد الباحث في هذه الآيات المتأخرة أن الإنسان يتألف من جسم وروح وأن الجسم يتكون من أربعة أشياء: اللحم والعظم والقوة الحيوية والصورة أو القالب، وهذا الأخير هو وحده الذي يعود إلي الحياة في حالة البعث دون الثلاثة الأول التي لا تبقى
وأما الروح، فهي عندهم خمسة أنواع، بين كل واحد منها وبين الأربعة الأخرى شيء من الترادف أو التقارب يجعل التحديد الدقيق صعباً أو كما يقول أحد الباحثين الأوربيين (إن مفردات لغاتنا لا تستطيع التعبير الصحيح عن هذه المعاني). وهاك هذه الأقسام الخمسة للروح: