للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجابه (هونغ سين) بدون تروّ ولا تردد: (من عساكر الخفية.)

ولما التفت إلى خلفه وجد بضعة عشر جندياً قد أتوا إلى النقطة التي يدافع عنها وحده فدلهم على اليابانيين تحت السور، فأطلقوا عليهم وابلا من الرصاص فأصابوا شرذمة منهم وتوارى الباقون في حقول القمح بجانب السور، ولم لم يحسوا بحركتهم ظنوا أنهم قد فروا من وجوههم، فأخرجوا مطمئنين رءوسهم من خلال الشرفات، وإنهم لكذلك إذا بنار تلألأت أمامهم عن بعد، وإذا بقنبلة طارت نحوهم فذهبت بإحدى الشرفات وتطايرت شظايا القنبلة في كل صوب، ومات عقب انفجارها أكثر المدافعين عن السور؛ فأنسحب الباقون إلى نقطة أخرى بعيدة عن مسقط القنبلة ثم جاءت قنبلة أخرى لم تصب شيئاً.

وبعد بضع دقائق اقترب بضعة عشر جندياً يابانياً من السور فأطلق عليهم وابل من الرصاص فاختفوا في حقول القمح

واستمروا على الكر والفر، وبعد مدة مات المدافعون عن السور من قنابل المدافع ولم يبق منهم إلا جندي واحد مع (هونغ سين) الذي أصيب في ذراعه اليسرى فعصبها بمنديله.

انفجر الليل واجتمع الأعداء في شرقي السور الشمالي وخف الضغط على نقطتهما فأخرج (هونغ سين) من جيبه علبة لفائف التبغ وقدمها إلى زميله الجندي قائلاً: (دخن لفافة)

ثم جلسا خلف شرفات السور ورأيا مئات من آثار قنابل المدافع على السور وقد أشتمل ضباب الصباح على وحشة واكتئاب

قال (هونغ سين): (لولا عرقلة اليابانيين لوصلت جيوشنا إلى مدينة (ديجو):)

وقال الجندي: (يسوءني جداً أنهم أهلكوا الليلة خلقاً كثيراً من إخواننا.) ثم أمتص الدخان بقوة.

وعبر (هونغ سين) عن آماله قائلاً: (لعل عدد الباقين منا يكفي للدفاع عن المدينة يوماً آخر.)

فهز الجندي رأسه ثم أخرج من جيبه رغيفاً من الخبز وقال لزميله: (أتحب أن تتناول شيئاً من هذا؟) فهز (هونغ سين) رأسه وأخرج لفافة من لفائف التبغ ليسد بها جوعه

دار الجندي بعينيه حول وجه (هونغ سين) وأطرافه وهو يأكل من خبزه ثم قال: (يا أخي! إنك لا تشبه الجندي في الصورة.)

<<  <  ج:
ص:  >  >>