للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرغب سيدنا عقدها معه بمزيد الاشتياق والفرح، وأن أحقق لديه بكل التأكيد بأنه يفتخر سيدنا بمصاهرة أعز الملوك وأجلهم، وأن يبيح له الدخول في جميع مراسي الإيالة الشريفة وسائر مدنها وأقطارها، وكذلك لكافة رعيته، وعليه أشهد أن القبطان عبد الله بن عائشة هو الذي أملى عليّ هذا الكتاب باللغة الأسبانية، ثم ألزمني بترجمته إلى اللغة الفرنسوية ولأجله وضع فيه خاتمه والسلام. الإمضاء: جان ماني دولا كلوازري النازل بمدينة سلا في مقابلة تجارة المسيو جوردا، وكتبه في ١٤ نوفمبر سنة ١٦٩٩ موافق ٢١ جمادي الأولى سنة ١١١١)

هذا أصل الكتاب. وهذه ترجمته حرفياً فلنبحث الآن فيما يُعَضِّده أو يَعْضِده، لنكون على بينة من أمره، ولنميز بين خله وخمره، فنقول: هل يمكن لأبن عائشة، وهو ذلك السفير الخطير أن يملي على كاتب أجنبي نص هذا الكتاب الخاص بمولاه، المتعلق بأمر يهمه، من الواجب أن يكون سرياً لا يتجاوز الخاطب، والسفير يمليه عليه باللغة الأسبانية، ويلزمه بترجمته إلى اللغة الفرنسية؟ هذا ما لا يوافق عليه عظمة الخاطب ومهنة السفير، ولا يقبله العقل السليم، ولا يصدقه الواقع، حتى فيما هو أقل من هذا الأمر الخطير، وإلا فأين كتاب الدولة ومترجموها، المعتنون بتنميق مكاتبتها، وتطريزها بالذهب، وتلوينها بأصباغ مبهجة خلابة رائقة، بطرق فنية، امتاز بها كتاب المملكة المغربية؟ ما بقي لنا إلا أن نتساءل قائلين:

هل يمكن أن يكون ابن عائشة وضع هذا الكتاب افتياتاً منه على ولي نعمته وهو لا يعلم، ووجهه للملك لويز ليجس نبضه في الأحدوثة التي لم تعزز بثانية في بابها، حتى يعرف من أين تؤكل الكتف، فان نجح مسعاه قدمه قرباناً لمولاه، بين يدي نجواه، رجاء ازدياد تمكن وتقرب منه، وإن أخفق وخاب كتم الأمر عنه وقنع بالحالة التي كان عليها معه، ولذلك كله تجشم مشقة الالتجاء إلى ذلك الكاتب الأجنبي، وإملاء الكتاب عليه بنص أسباني أجنبي، وإلزامه بنقله إلى نص فرنسي أجنبي. واكتفى بوضع الخاتم عن الإمضاء بخطه، ولكن هناك عقبة كأداء تعترضه في هذا السبيل، وهي أن هذا الأمر من الأهمية بمكان، وليس بالأمر الهين الذي يمكن تمشيه والوصول إليه في طي الخفاء؛ ولا يؤدي به إذا أخفق فيه إلى عقاب سلطانه وجفاه

<<  <  ج:
ص:  >  >>