سأقص حديثاً عجيباً. من شاء يصدقه فأني اشكر مع تقديري انه إما يصدقني لاعتقادي أنني لا اكذب، وإما إذا شاء أحد أن يكذبني فله ان يفعل وهو معذور. فان الناس لا يصدقون مايرونه بأعينهم، ولا سبيل إلى ان أريهم ما رأيت، وقد آثرت أن إذكر في حديثي هذا كل الأسماء على حقيقتها حتى إذا عرف أحد بعض هذه الأسماء ساعده ذلك على تصديقي، إذ ليسمن الممكن أن تبلغ بي الجرأة على الحق أن أذكر أسماء الناس علنا في صحيفة سيارة وأنا اكذب في قولي: أصبت في وقت من الأوقات بضعف في الأعصاب من الجهد المتواصل والهم المضي، فوصف لي بعض الأطباء أنواعاً من الرياضة. ولكن ابى الله ان يمكنني من ذلك العلاج. فقد زهدت في رياضة الصيد إذ رأيت فيها قسوة ومثله ووحشية، ثم زهدت في السباحة لأنني لم أجد مكاناً منعزلا ملائماً انزل إلى البحر فيه في أثناء الصيف، لان جسمي ليس بالجميل، وثياب الشواطئ كما لا يخفي على أحد مهلهلة تصف الأجسام على حقيقتها، ثم مارست ما سوى ذلك من أنواع الرياضة حينا فأصبحت بضعف في رجلي فلم استطع متابعة هذا السعي، لان الرياضي لا يليق به أن يظلع. ولكني جعلت ابحث عن تسلية ملائمة فوقفت إلى اختراع اختراعه الإنجليزي بارع وهو المؤلف المشهور (هـ. ج. ولز). وكان لاختراعه هذا رجة كبرى في الأوساط العلمية، ولكن هذا المخترع يحترف الأدب فأصابته محنة الأدباء فلم يقبل أحد على شراء اختراعه. فغضب حتى حطم النموذج الذي اخترعه وأبى أن يعلنه إلى الناس. غير انه لما بلغة ما أنا فيه من الحيرة بعث إلي بوصف اختراعه، وطلب إلي أن استفيد به ماشئت، ولكنه حرم على اطلع أحد عليه الا بإذنه فلا يطمع أحد في أن يسألني عن سر ذلك الاختراع. ومن شاء فليرسل إلى ذلك العالم وليسأله أن يبيع له الاطلاع على النموذج الذي صنعته أنا لنفسي، وذلك الاختراع بالاختصار هو آله دقيقة الصنع تحتاج إلى مهارة فائقة في الإدارة والاستعمال، كما تحتاج إلى مواهب خاصة فيمن يريد أن يستعملها. واخمد الله إذ كنت ممن منح هذه المواهب الخاصة، وهي مصنوعة من معدن لا يزال عجيب الخواص مجهول الكنه، ومن