للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خواصه التي عرفت إلى اليوم انه شفاف ولا تبصر لاه الأعين في ضوء النهار إلا إذا وضع منظار من نفس المعدن على الأعين. ولهذا يسهل على الإنسان أن يترك الآلة المصنوعة منه في أي مكان بغير حارس ولا يخاف عليهااللصوص أو من عبث المارة. ولا حاجة بي إلى إطالة في وصف هذه الآلة، ويكفيني أن أذكر اسمها وقد يكون بعض القراء قد سمع به من قبل وهي (آلة الزمان)، واسم هذه الآلة يدل عليها وعلى الغرض منها. ومن أراد التوسع في فهم أغراضها ونظرياتها وطرق أدارتها فعلية ان يستأذن صاحب اختراعها كما أسلفت في أول هذا الحديث. هذه الآلة بالاختصار عبارة عن حجرة صغيرة لها جدران شفافة من المعدن الذي وصفته، وفيها مقعد واحد لا يسمع إلا رجلا واحداً وفي داخلها أمام المقعد مفاتيح كثيرة يتحرك بعضها إلى أعلى وبعضها إلى أسفل وبعضها إلى اليمين والبعض إلى اليسار وهكذا في جميع الأنحاء التي يتصورها الذهن، وفي وسطها عجلة كبيرة تدور إذا قبض عليها الإنسان بيده وضغط عليها قليلاً. فإذا أمال يده نحو اليمين دارت يميناً، وإذا أمالها نحو اليسار دارت يساراً. وهذه العجلة هي أم الآلات في تلك الحجرة. فإذا بالحجرة كلها تدور دوراناً شديداً، ثم إذا بالجالس على الكرسي يعتريه دوار شديد ويفقد الحس حينا من الزمن ثم يصحو فينظر إلى ما حوله فيرى مناظر غير المناظر التي كانت حوله قبل ان يدير العجلة. لا بل انه يرى مناظر ما كان يحلم بوجودها قبل أن يضع يده على تلك العجلة. والذي يحدث باختصار عند ضغط العجلة إن الإنسان إذا مال بيده نحو اليمين دارت الآلة، وتحرك لسان على لوحة أمام الجالس فهبط إلى اسفل، وعلى تلك اللوحة أرقام كثيرة، وعند ذلك ينتقل هذا الشخص الجالس في الآلة بطريقة عجيبة يطول شرحها - ولا اسمح لنفسي أن أذكرها بغير إذن - فإذا ذلك الجالس ينتقل على السنين نحو الماضي فيذهب إلى العصور الماضية ويرى نفسه يمر على السنوات الغابرة عاماً فعاماً. وكلما انتقل من عام إلى عام قبله تحرك اللسان على اللوحة مشيراً إلى رقم السنة. وأما إذا كان ميل الضغط نحو اليسار فان اللسان يتحرك على اللوحة إلى أعلى، فإذا بالجالس في تلك الآلة ينتقل على السنين نحو المستقبل

فيذهب إلى العصور المقبلة ويرى نفسه في غمار الحياة في الأجيال الآتية. ويتحرك اللسان على اللوحة مشيراً إلى رقم السنوات المقبلة. حسبي الآن ما ذكرت من وصف الآلة فاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>