العميد بن المكين المطبوع في القرن السادس عشر، ونزهة المشتاق للإدريسي المطبوع في أواخر هذا القرن، وتاريخ ابن عربشاه، وتاريخ ابن العبري المطبوعان في القرن السابع عشر، ومراجع نفيسة أخرى تعتبر في حكم النادر والمخطوط. وقد جرت دار الكتب حتى اليوم على تيسير سبيل البحث والمراجعة للباحثين القلائل الذين يعتمدون في مباحثهم على هذا التراث، وكانت تسمح لهم باستعارة هذه الكتب خارج الدار بإذن خاص، ولمدد محدودة؛ ولكن حدث أخيراً أنها قررت حبس هذه المراجع وعدم التصريح بخروجها من الدار وقصر المراجعة فيها على القراءة بالدار ذاتها؛ وحجة دار الكتب في ذلك المنع هو أن هذه المراجع أصبحت لندرتها كالمخطوطات يجب المحافظة عليها من الضياع، وإبقاؤها أبداً داخل الدار في متناول الباحثين
ونحن مع دار الكتب بلا ريب في المحافظة على نفائسها والحرص عليها من الضياع والتبديد؛ ولكنا نلاحظ أن هذا القرار معطل لمهمة دار الكتب الأصلية. ذلك أن دار الكتب لا تحتفظ فيما عدا هذه المجموعة من المطبوعات القديمة، بكثير من الكتب والمراجع الحديثة القيمة، وجل ما اقتنته الدار في الثلاثين عاماً الأخيرة من كتب القصص والأدب السائر والمؤلفات العادية، وأما ما اقتنته من الكتب والمراجع النفيسة في هذه الفترة فقليل جداً بالنسبة إلى الآلاف المؤلفة من كتب القصص الفرنسي والإنكليزي التي ما زالت تجد في اقتنائها؛ ومعظم ما يقرأ ويعار لا يخرج عن هذه الدائرة، وهذه نتيجة يؤسف لها، ولكن هذا هو الواقع؛ وخير ما تقوم به دار الكتب هو معاونة البحث العلمي وذلك بوضع مجموعتها من المراجع القيمة تحت تصرف الباحثين؛ فإذا كانت تريد اليوم أن تحبس هذه المجموعة بحجة المحافظة عليها فإن ذلك يعطل البحث والمراجعة، لأن معظم الذين يستفيدون من هذه المجموعة لا تسمح لهم ظروفهم بالمكث ساعات طويلة في دار الكتب، ومن المستحيل عليهم أن يترددوا عليها بلا انقطاع ليقوموا بمباحثهم في حجراتها. وخير لدار الكتب أن تعود إلى نظامها القديم في إباحة استعارة هذه الكتب، مع اتخاذ التحوطات والضمانات اللازمة. هذا مع سعيها في نفس الوقت إلى تجديد هذه المجموعة، وذلك بشراء الطبعات الجديدة للكتب التي صدرت لها طبعات جديدة وهي كثيرة تعد بالآلاف. أما إذا كانت دار الكتب تريد أن تغدو متحفاً آخر، وإذا كانت تريد أن تقتصر مهمتها الثقافية على