المحبوبة ووضعت يدي على عجلتها وأدرتها ضاغطاً نحو اليسار. فرأيت اللسان يتحرك هذه المرة إلى أعلى وقد أشار إلى أرقام أعلى من رقم ١٩٣٣. وقد عراني عند دوران الالة دوار شديد لم أشعر بمثله عند تجوالي في العصور الماضية فلم أفق من الدوار حتى كان اللسان قد بلغ رقم (٢٠٠٠) عند ذلك أوقفت حركة العجلة ونزلت من الالة وتركتها علىجانب الطريق الذي وجدت نفسي فيه، ولم أخش أن
أتركها حيث هي وأسير إذ أني كنت على يقين من أنها في مأمن من الرقة لأني كنت كل الثقة من أنه ليس في الناس جميعاً من يملك منظاراً من معدن الآلة فيستطيع أن يرها إلا أنا والمخترع الأصلي للآلة وقد سبق لي ذكر أسمه. سرت بعد ذلك في طريق عجيبة لم تقع عيني على مثلها، فهي فسيحة لا يقل عرض أضيقها عن مائة متر. ويحف بها من جانبيها أبنية شاهقة هي أشبه بما نسمع في عصرنا الحالي في أمريكا وهو ما يسمونه (ناطحات السحاب) وكانت حركة الانتقال في تلك الطرق الفسيحة سريعة عنيفة حتى كنت أخطو الخطوة وأنا خائف أترقب، وكانت السيارات من كل نوع ومن صنوف لم أرى مثلها من قبل في عصري الذي أعيش فيه وما كان أشد عجبي عند ما رفعت رأسي إلى قمة هذه الأبنية فوجدت فوقها حركة عظيمة من طيور عظيمة تعدو وأخرى تهبط، ولكني عجبت أن تكون الطيور في مثل هذا الحجم وهي على البعد العظيم الذي بيني وبين قمم هذه الأبنية، وهمت أن أسال بعض المارين عن ذلك، ثم رأيت منطاداً طائراً يشبه ذلك المنطاد الذي آتى به (اكنر) إلى مصر في العام المنصرم في عصرنا هذا، ففكرت في نفسي قائلا: ألاتكون تلك الطيور طائرات ميكانيكية. ولم يطل بي أمد الحدس والتخمين فقد رأيت طائراً من تلك الطيور يهوي من العلو الشاهق إلى أسفل فإذا به يستوي على جانب الطريق وإذا به آدمي قد وضع على ظهره آلة ذات جناحين قد ربطها ربطاً محكماً في كتفيه وأعلى صدره. فما هبط على الأرض حتى حل الأربطة وعالج الآلة حتى أسترت على عجلتين كانتا خفيفتين ثم أدار لولباً في جانب الآلة فإذا بها تعدوا على نمط (الموتوسيكل) في عصرنا الحالي. وعند ذلك فقط عرفت كنه هذه الأسراب الطائرة فوق أعلى الأبنية. ومضيت في سيري وأنا اكثر علماً بأنني في عصر جديد وعهد غير ما عرفت في بلادي. وجعلت وأنا سائر أتلفت حولي تلفت المذهول الدهش كأنني بعض أهل الريف نزل