المذهب القائل بان لكل لفظ ظهراً وبطناً واحداً ومطلعاً.
وبعد فهذه ترجمة إمام كبير عرفه الناس قبلي وترجموه لكن باختصار وعلى غير هذا الأسلوب، تربطني به صلة هي صلة الوالد بالولد، بل صلة الروح بالجسد؛ ولكي يطمئن قارئي ويهدأ روعه أعاهده عهداً أدين بوفائه ألا أكون أحد أولئك المترجمين الستة؛ وسأحمل نفسي على تناسي هذه الصلة الكريمة زمناً؛ وسأعني بالحق المجرد ولو كان علي أو عليه مقتصراً على ذكر حياته - دون تحليل - في شيء من التفصيل وتاركاً كثرة تلك التعاليق الفضفاضة التي اعتادها الناس اليوم والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على نفس المؤرخ أكثر مما تدل على نفسية المؤرخ له، ولا يفرغ إليها غالباً إلا من فقد مادة القول في أحوال من يترجمه وما جرياته. وفي اعتقادي أن ذلك مما يشوه الحقائق التاريخية ويغطيها بحجاب كثيف يعسر على الناقد النزيه تمزيقه ويقصي القارئ عن تفهم الأشياء بعقله لا بعقل سواه غير متأثر ببيئة أو مذهب
وقد رتبت حياته على فصول، فأذكر أولاً أسرته ثم نسبه فنشأته فمشايخه فتلاميذه، معرجاً على وصف خلقه وخلقه ومذهبه ومعارفه وثناء الكبار عليه ومدائح الشعراء فيه وتعلق الملوك به، ثم أرجع فأتحدث عن رحلاته ومؤلفاته وشرح العلماء لها أو ترجمتها أو نقدها واختم الترجمة بحادثة وفاته ورثائه ونقله فذكر مترجميه فأوهام بعضهم فمصادر الترجمة
وقد أخالف هذا الترتيب أو أسهب في فصل وأختصر في آخر مضطراً في الإسهاب والاختصار لما بيدي من ثروة المادة أو فقرها
أسرته
تنحدر أسرة الإمام ابن جعفر من سلالة الفاتح بن الفاتح إدريس بن إدريس المطلبي الهاشمي الحجازي ثم تتشعب بطوناً وأفخاذاً حتى تنحصر في ملك زواوة الكتاني يحيى بن عمران
كانت فاس مقر أسلافه في ظلال ملوك دولتهم الأدريسية التي ملكت مائتي سنة وثلاث سنين سوى شهرين تقريباً وكان عملها بالمغرب من السوس الأقصى إلى مدينة وهران وقاعدة ملكهم مدينة فاس ثم البصرة، وكانوا يكابدون مملكتين عظيمتين ومتغلبين كبيرين هما دولة العبيديين بمصر وأفريقيا ودولة بني أمية في الأندلس، وكانوا ينازعون الخلفاء