للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى درك الخلافة العظمى ويقعدهم ضعف سلطانهم وقلة مالهم بالنسبة إلى هاتين الدولتين

وفي سنة ٣١٧ تغلب موسى بن أبي العافية السفاح البربري على جميع بلاد المغرب بعد حروب وفتن طالت وأزمنت بينه وبين الأدارسة انتهت أخيراً بانتصاره والانتقام منهم انتقاماً خسيساً فقتل كثيراً وذبح كثيراً ومن أفلت منهم أجلاهم عن بلادهم وأخرجهم من ديارهم مغلوبين على ملكهم مطرودين عن دار عزهم التي بناها أسلافهم وفروا بأجمعهم إلى قلعة حجر النسر فتبعهم السفاح إليها وشدد عليهم الحصار وحاول استئصالهم والقضاء عليهم لولا تقريع رؤساء المغرب وأكابر دولته له إذ قالوا (أتريد أن تقطع دابر أهل البيت من المغرب وتقتلهم أجمعين؟ هذا شيء لا نوافقك عليه ولا نتركك له) فخاف قولهم (ولا نتركك له) واعتبره تهديداً بالثورة عليه فارتحل عنهم لفاس وخلف عليهم قائده أبا الفتح التسولي في ألف فارس يمنعهم من التصرف

وقد ذكر الإمام المقري في كتابه الكنوز أسماء جماعة من الأدارسة الذين فروا من قلعة حجر لهذا الحصار المخنق الذي تركه عليهم بن أبي العافية، وذكر المواضع التي فروا إليها، فكان من بينهم جد أسرة الإمام الملك يحيى بن عمران. ولفظ المقري: (ثم فر إلى زواوة الكتاني أمير المؤمنين يحيى بن عمران بن عبد الجليل بن يحيى بن يحيى بن محمد بن إدريس)

وما أن وطئ يحيى بن عمران هذا التراب زواوة حتى بايعه أهلها ولقبوه بأمير الناس. يؤخذ هذا من كلام بن جزى في مختصر البيان حيث عرف الكتاني يحي وهو يتكلم عنه بملك زواوة أمير الناس. ومن كلام المقري حيث نعته بأمير المؤمنين بل صرح ببيعة قبائل زواوة ليحيى العلامة الشريف الزكي المدغري قال في درته: خرج هذا الجد - يعني يحيى - من فارس مع أبناء عمه واستقر معهم في حجر النسر ثم انتقل إلى جبل زواوة حوز الجزائر فاراً بنفسه وبويع بذلك الجبل وسمي أمير الناس.

ونقل عنهم هذا جماعة من متأخري المؤرخين

ويدل على وجود هذه الإمارة أو هذه الدولة التي لم أعرف من ملوكها غير يحيى بن عمران ما خلفت من معاهد وآثار في القطر الجزائري لا تزال مائلة إلى اليوم مما لا يكون عادة إلا من أثر الملوك والدول. ومن هذه الآثار مسجد سيدي الكتاني بقسطنطينية، قال

<<  <  ج:
ص:  >  >>