للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالمنفعة العامة، فلا يقل عن العدد اللازم، كيلا يحمل الموظفون ما لا طاقة لهم بحمله فتتعطل المصلحة، ويقف دولاب العمل، ولا يزيد حتى يرهق الشعب، وأن نسبة الرواتب يجب ألا تتجاوز خمس الموازنة وان ينفق الباقي على المصلحة ذاتها كما ينفق جل أرباح الشركة على المنفعة العامة للأعضاء كلهم، لا على منفعة مجلس إدارتها القائم عليها

على حين أننا نرى في بعض هذه البلدان العربية بلداً يأخذ

موظفوه خمسة أسباع الموازنة (٥٧) وينفق سبعان فقط (٢٧)

على المصلحة ذاتها. . . أليس معنى هذا أن الشعب كله

أصبح خادما لهذه الفئة، بدل أن تكون هي خادمة له؟ وان

غاية الوظيفة حياة الموظفين وسعادتهم لا المنفعة العامة

الضرورية؟

وقدمنا بان حد الراتب أن يكون أقل بقليل مما يحصله الموظف في العمل الحر على حين أن الراتب عندنا يزيد أضعافاً مضاعفة على ما يحصل من العمل الحر. بل لا نسبة بينهما مطلقاً وقد نشأ عن ذلك أن كان عندنا طبقتان طبقة مترفة سعيدة هي طبقة الموظفين، وهي الأقل عدداً، وطبقة مرهقة متألمة شقية هي طبقة جمهور الشعب. وإني لأقول (عن استقراء وبحث) إنه ليس في المائة ممن أعرف من الموظفين اثنان أو ثلاثة يستطيعون إذا أخرجوا من وظائفهم، تحصيل نصف الراتب أو ربعه من العمل الحر، ذلك أن علو الوظائف وكثرة الراتب لم تكن قائمة على الكفاءة، بل مر وقت كانت تقاس فيه كفاءة الموظفين بمقدار اتصالهم بالأجنبي المسيطر وتزلفهم إليه. فنشأ عن هذا أن اتسعت الهوة بين الشعب والحكام (أي الموظفين). وحمل لهم الشعب في نفسه اشد البغضاء، وأمر النقمة، حين رأى المئات من المكلفين لا يقوم ما يدفعونه كلهم من الضرائب ينتزع انتزاعاً من أفواه عيالهم وأعناق بناتهم - لا يقوم براتب موظف واحد كبير. وحين رأوا في القانون خروقاً كثيرة يسقط منها المال على الموظفين الكبار، فيأخذونه بلا ورع ولا حياء من أجور سفر إلى تعويضات إلى غير ذلك مما أضرب عليه مثالا واحداً شاهدته بعيني في إحدى البلدان

<<  <  ج:
ص:  >  >>