أن يعضه هو الذي سينجح، وإن التواضع يخلق النجاح، وإن الحكيم المتواضع يستطيع أن يجتاز البحر الأعظم)
ويعلق أحد الباحثين على هذا بقوله: ولكننا يجب علينا ألا نفهم أن الرحمة التي تدعو إليها الديانة الصينية هي الرحمة التي تجر إلى الضعف، وإنما هي الثبات في وداعة والصلابة في تحقيق الواجب. وعلى الجملة هي المقياس المضبوط في كل شيء أو هي الاعتدال أو التوسط في كل شيء، وهذا التوسط كانوا يسمونه:(تشونج) أي الفضيلة في ذاتها، وفيها يقول (إي - كينج): (إن احتمال فظاظة الأفظاظ في وداعة، واختراق الأنهار في ثبات وشجاعة، وعدم إهمال البعيد، وعدم الانشغال بالغير، كل هذا مجتمعاً هو الذي يحقق السير في طريق الاعتدال الوسط)
وهناك نص يعد من أقدم نصوص كتاب (شو - كينج) يقول: (إن الفضائل التي تصير الإنسان غاية في الكمال: هي الممنونية مع الجد، والتخلي مع الثبات، والحشمة مع البساطة، والحزم في السلطان مع الحكمة، وسهولة الانقياد مع القوة، والصلابة في الاستقامة مع الوداعة، والرحمة مع التمييز، والشدة مع الإخلاص، والشجاعة مع العدالة. فإذا اتبع رعاياك هذه المحامد، فإنهم سيكونون مستقيمين في الطريق السوي)
من خلال هذا كله نلمح في سهولة أن الأخلاق الصينية قد أقيمت منذ أقدم عصورها على أساسين جوهريين: الأول المثالية العليا والثاني سعادة المجتمع. ويعلق العالم (زانكير) على هذا بقوله: ولقد فهم بعض الباحثين أن الأخلاق الصينية نفعية جافة فظة. وفي الواقع أن النظرة السطحية المتسرعة في فلسفة الصينيين لابد أن تنتج هذه النتيجة، إذ لا يكاد الباحث يتصفح كتبهم حتى يلتقي فيها بقاعدة (الفضيلة طريق السعادة) أو (السعادة غاية الفضيلة) فإذا كان الباحث من أولئك الذين لا يكلفون أنفسهم التعمق جزم بنفعية هذه الأخلاق، بل بأنانيتها ولكن نظرة فاحصة، وتأملة دقيقة، تظهران أن السعادة المقصودة ليست هي سعادة الفرد، وإنما هي سعادة المجتمع، وليس ذلك النجاح الموعود به لمكافأة الفضيلة هو نجاح الشخص، وإنما هو النجاح في تحسين أحوال البيئة العمرانية التي يقيم فيها الفضلاء. وفي الحق أن الثرة عند الصينيين من أقبح الرذائل، وان الغيرية أو الإيثار في رأيهم ن أجل الفضائل، وأن الفضيلة بوجه عام تنحصر في الخضوع الحر الذي يصدر من الفرد نحو