المتحدة الأميركية، وأن يكون لهم مجلسهم النيابي، ومحاكمهم التي يضعون لها شرائعها، ولغتهم في التعليم والإدارة والحياة العامة
فلما جاء يوم الإنجاز وقامت الدولة التي مهد لها أولئك الوكلاء إذا بأرضهم مستعمرة مملوكة، وإذا بهم أتباع مسخرون، وإذا بالعقد المبرم قصاصة مهملة، وإذا بالحاكم الحكيم يتحلل من عقده فيلجأ إلى حيلة لم يلجأ إليها عاهل من عواهل هابسبرج ولا متحذلق عندنا من صناع الفتاوى وطلاب الحيل الشرعية، فيقول لوكلاء الشعب المهضوم إن العقد إنما أبرم في يوم بطالة رسمية عند الأمة الأميركية، وذلك في شرع البلاد التي أبرم فيها مبطل لشروطه ناقض لفحواه!
ويلي ذلك قصة أليمة من قصص المظالم والدعايات الكاذبة، بحت فيها الأصوات وذهبت فيها صرخات المغلوبين على آذان عصبة الأمم كما تذهب زمجرة البحر الصاخب بين أجواز الفضاء
سيرة الرجل عبرة لا تنقضي ودروس لا تنفد. أولها: أن الفيلسوف لم يسلم من لوثة الحكم والسياسة ولو أضمر الخير وأسلف الجهاد الطويل في قضايا المظالم والشكايا
وثانيها: أن الديمقراطية لا تسلم في وطن تختلف أجناسه ولغاته وأديانه وطبقات الحضارة فيه إلا على أساس (الولايات المتحدة) التي يستقل فيها كل فريق بالحكم والتشريع
وثالثها: أن أوربا الوسطى لا تزال كما كانت قبل الحرب العظمى غيلاً تصطرع فيه ضواري الأحقاد ويوشك أن يندفع بالعالم مرة أخرى إلى حرب لا تؤمن لها عاقبة
وإننا على ما أنتاب الديمقراطية من خيبة، وما تعاورها من نقض وتقويض، لا نزال على إيمان وثيق بها أنها هي كهف السلام ومعقل بني الإنسان، ومآل الحكم في المستقبل البعيد إن لم يعجل لها النصر في مستقبل قريب
فالدول الديمقراطية لا تبغي الحرب كما تبغيها الدول الدكتاتورية، وبريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة لا يخشى منها على سلام العالم كما يخشى من إيطاليا وألمانيا واليابان والجمهوريات الروسية
ولقد يقال إن بريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة إنما تسالم الدول الأخريات لأنها شبعت من المستعمرات فلا حاجة بها إلى المشاكسة ولا إلى اقتحام المشكلات، لكنه