قواعده ومبادئه رسوخاً متيناً، وانتشر انتشاراً عمّ مختلف طبقات المجتمع البشري في أوروبا حقبة طويلة من الزمن.
ومن الصفات التي لم يكن يقتضي اكتسابها تعليماً خاصاً ومجهوداً كبيراً الشجاعة والإقدام؛ بيد أن ما يرافقهما من التمرن على حمل السلاح واستعماله، والتفنن في ركوب الخيل، أمور يتلقاها الفرد في سلك الفروسة. وما يصدق على الشجاعة يصدق على الشهامة واحترام السيدات، فإن ذلك لم يكن يقتضي تعليماً رسمياً. على أنه لابد لاكتساب كل سجية مطبوعة بطابع الفروسة الخاص من وقت طويل وعناء كبير لدقتها وتعقدها. وفيما يلي نبذة للمؤرخ (كورنشْ) تبين باختصار مبادئ الفروسة وأثرها في حياة الفرد والمجموع يقول:
(لقد علمت الفروسة العالم واجب الخدمة الطوعية الشريفة ورفعت من شأن الشجاعة، والخضوع لحكام السلطة، ووقفت قوتها العسكرية على خدمة الدين، وشجعت السخاء والإحسان والإيمان القويم ونكران الذات والشهامة؛ وفوق كل هذا إجلال السيدات. ومع أن للفروسة فضلاً كبيراً على علمي التربية والأخلاق فمثالبها شتى، لأنها كانت تشجع بعض الرذائل كالغرور وحب القتال وازدراء الرعاع والتهتك والخلاعة. ولا مراء في أن هذا المعهد - على ماله من مناقب ومثالب - كان ملائما لروح العصر والبيئة اللذين نشأت فيهما.)
نظامها ومنهاجها
للتربية في هذا النظام ثلاث مراحل، تبتدئ أولاها من السنة السابعة وتنتهي بالرابعة عشرة، ويسمى الفتى في هذا العهد وتبتدئ المرحلة الثانية من السنة الخامسة عشرة وتنتهي بالحادية والعشرين، ويطلق على الفتى في هذه السن لقب (الرفيق) أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتبتدئ من السنة الحادية والعشرين، وفيها يعرف الفتى بالفارس
كان يجري التعليم والتمرين في معهد بلاط أحد الملوك أو قلعة أحد النبلاء. ففي قلاع النبلاء يجري التعليم الخاص بالطبقة التي هي دون النبلاء. أما النبلاء فيبعثون أولادهم إلى بلاط الملك حيث يخدمون في حاشيته؛ وفي كثير من الأحيان يمارس أبناء الملوك الخدمة في قصور آبائهم كسائر أبناء النبلاء، ولم يجر التعليم في بيوت العامة لندرة وسائله، وقلة معدات التمرين فيه؛ لهذا كانت دور النبلاء وقلاعهم وقصور الملوك مزدانة بالفتيان