والفتيات طيلة سني التعليم والتمرين، ولقد كان للفتيات كما للفتيان حق ونصيب من التربية في هذا المعهد، فقد كان في عصر الإقطاع شريعة تقضي بأن يرث النبيل ضياع آباء الفتيان والفتيات الذين هم في خدمة النبيل، وتخوله حق السلطة على أولئك الفتيان والفتيات والتصرف بهم كما يشاء قبل أن يدركوا سن الحادية والعشرين. فأدى هذا الحق، أعني التحكم في أولاد الميت وبناته إلى تزويجهم حسبما يراه النبيل صالحاً، بهذا كان التزاوج بين الفتيان والفتيات شائعاً جداً في قلاع النبلاء، وخصوصاً في القرنين الثالث عشر والرابع عشر للميلاد. وطبيعي أن يقوم النبيل بكل ما تتطلبه معيشة هؤلاء الفتيان والفتيات ماداموا قاصرين وعاجزين عن القيام بذلك من تلقاء أنفسهم
أما الفتيات فقد كُنَّ يتلقين العلوم والفنون المنزلية من خياطة ونسج وموسيقى وغناء ثم الفرنسية وبعض اللاتينية. وكانت تعلم هذه العلوم في مدارس الأديرة؛ من هذه في إنكلترا دير (دارتْفوردْ) في كنتْ، وقد اختصَّ ببنات العائلة المالكة، ودير (كاروْ) قرب نوردش وكان خاصاً ببنات الطبقة النبيلة، ومدرسة دير ماري في ونشستر وغيرها. وبعد أن تتم الفتاة تحصيلها في هذه المدارس تعود إلى قلعة النبيل المتولي أمرها، حيث تكتسب صفات الفروسة، وتجالس الفتيان في (الصالون) حتى تصل إلى اختيار زوجها منهم. وغالباً ما دفعت هذه العادة الكثيرين إلى أن يبعثوا بناتهم وأبنائهم إلى هذه القلاع، ليلتحقوا في خدمة النبيل ظاهراً، وينشدوا التزوج باطناً. فالتزوج هو في الحقيقة غاية ما كانت ترمي إليه تربية الفروسة في هذه المرحلة، لأن من كان خليقاً بالزواج عن هذه الطريق كان جديراً بنيل شرف الفروسة
نعود الآن إلى الوصيف لنرى كيف يتدرَّج في مراحل هذه التربية حتى يصبح فارساً. ينشأ الوصيف والوصيفة مع نساء حاشية النبيل حتى السنة السابعة، وفي خلال هذه المدة يكون الوصيف قد ألف ركوب الخيل، وتعلم هو والوصيفة القراءة والكتابة وبعض مبادئ العلوم البسيطة التي تقتضيها الخدمة المنزلية. وكلما تقدم الوصيف في السن، تعقدت العلوم التي يتلقاها وصعبت. فحينما يصل سن السابعة يشرع في تعلم فنون الصيد واللعب بالسيف والترس ورمي القرص والرمح. وليست هذه الفنون سهلة المنال يظهر؛ ففن الصيد مثلا يتطلب إلماماً بقوانين الغاب وهو ينقسم إلى قسمين: -