(٢) والبيزرة؛ وهذا القسم ضرب معقد من ضروب الصيد يقتضي معرفة بأنواع الطيور وكيفية اقاتتها وتدريبها على الصيد. وعدا هذا يتعلم الوصيف أصول المصارعة والملاكمة والجري وركوب الخيل واللعب بالسيف والرمح ومبارزة الدببة والجواميس. كان الوصيف مشغوفاً بهذه الفنون العملية كل الشغف، لأنها كانت ذات أثر مباشر في حياته؛ لهذا لم يُعن كثيراً بتعلم القراءة والكتابة والموسيقى. بيد أن إعراضه عن هذه العلوم النظرية إلى غيرها لا يعني عدم اهتمام مدارس الفروسة بها، فقد كان للوصيف فرصة سانحة ليتعلم فيها العزف على بعض الآلات الموسيقية والتدرّب على الغناء. وقد تخرّج في هذا المعهد المنشدون الكثيرون الذين كانوا يرحلون من بلد إلى آخر، ويحلون حيث غواة الموسيقى وعشاق الفن. ولقد عنيت بعض العائلات المتدينة بتعليم الموسيقى والنشيد الديني، فكان منها مدارس خاصة، عدا نظام الفروسة
كان الوصيف يصرف أوقات فراغه في الخدمة المنزلية، ومشتركاً في حياة النبيل العائلية؛ فتراه يرافق سيدته (زوجة النبيل) أنى ذهبت، ويقوم بخدمتها المنزلية بكل طاعة وإذعان. ومن الخدمات البسيطة التي اختص بها تجفيف عرق سيدته، وذب الذباب عنها ساعة نومها بمروحة لا تكاد تفارق يده طيلة أشهر القيظ
وما يكاد الوصيف يشب ويصبح (رفيقاً) حتى يشرع في تعلم فنون جديدة كفن المناداة وهو فن معقد يقتضي إتقانه ومجهوداً كبيرين، و (تقطيع اللحم) وهذا أيضاً فن قائم بذاته، وقد أهمل وتنوسي على مرور الزمن. وأهم واجباته المنزلية في هذا العهد تحضير الموائد، فهو الذي يقطع اللحم - كما قلنا - ويتناولصحون الأطعمة وكؤوس الخمر من الوصفاء، ويوزعها على الضيوف. وعلى الرفيق أن يُعدّ فراش النبيل، وأن يتولى سياسة حصانه، وان يقوم بتعبئة البنادق وصقلها وتنظيفها. وعليه أن يرافق سيده في سفراته الطويلة، ويتولى رعايته وحراسته في الليل، فلا يغمض له جفن ما دام سيده نائماً. وعلى (الرفيق) أن يلقن كل ما تقتضيه الخدمة المنزلية، وتتطلبه الحياة العملية كركوب الخيل، وتعلم اللغات الألمانية والإنكليزية وبعض اللاتينية (أما الوصيفات فالفرنسية)، والعزف على الناي والقانون، والرقص والغناء ولعبة الشطرنج، ومبادئ الفروسة وقوانينها. ومن الكتب