التي كانوا يعتمدونها في تعلم مبادئ الفروسة وصفاتها في إنكلترا خصوصاً كتاب (سلوك الغلام على المائدة) لقروستست ' وعلى (الرفيق) أن يرافق زوجة النبيل في روحاتها وجيئاتها وأن يلاعبها الشطرنج ويراقصها ويعزف ويغني لها. أما علاقته معها فعفيفة غاية العفة، بريئة غاية البراءة، قلما تؤدي إلى الفعل المنكر، لنه بمرافقته وإذعانه لها يكتسب صفة من أسمى صفات الفروسة وأنبلها، ألا وهي إجلال الجنس اللطيف وإيناسه. وكان يتجلى هذا الشعور في المرحلة الأخيرة من مراحل الفروسة وخصوصا في أوان المبارزة. فعندما تعقد حفلات المبارزة تهرع إليها أجمل الفتيات وأنبلهن؛ وقد تستغرق الحفلة الواحدة ثلاثة أيام أو أكثر. وللمبارز إذا انتصر على خصمه أن يجرده من سلاحه وجواده، وأن يمر بالفتيات، فيتعهدهن بنظره حتى يقع بصره على إحداهن، فيختارها لتسمى ملكة الحب والجمال فتتوج بإكليل وتشرف على بقية الحفلات بينا السيدات يحطن بها من كل جانب، راغبات في التقرّب منها تشرفاً
وللكنيسة أثرٌ ملموس في حياة الفارس، فتراها إذا ما قارب السنة الحادية والعشرين من عمره، سيطرت عليه، ووجهت حياته السلمية والحربية إلى ما فيه خيرها ونفعها. فتعرض له بعض المراسيم والامتحانات الدينية المعقّدة التي لابد له من اجتيازها. أهم هذه ما يجيء في الحفلة النهائية التي يصبح فيها (الرفيق) فارساً؛ وتستغرق هذه الحفلة أحياناً عدة أسابيع، فيصرف بضعة أيام في الصوم وليلة في إحدى الكنائس القديمة المظلمة، مسترسلا في التأمل والتفكير، ثم يستحمّ، ويعترف عند أحد الكهنة، وبعد ذلك تعقد الحفلة النهائية، ويترأسها أحد الكهنة، وفيها يخلع عليه الكاهن ثوباً أبيض رمز الطهر والنقاوة، وآخر أحمر إشارة إلى ما سيسفكه من الدم في الدفاع عن مبدئه ودينه، وسُتْرةً سوداء قصيرة تذكره بشبح الموت الذي سيلقاه دون خوف أو وجل، ثمّ يصغي إلى عظة بليغة يلقيها الكاهن عن حياة الفروسة. وفي النهاية يقسم الفارس يمين الفروسة الرسمي وخلاصته:(أن يذود عن الكنيسة، ويكافح الشرار، ويحترم رجال الدين، ويجل الجنس اللطيف، ويصون الضعفاء، ويحسن إلى الفقراء، وألا يحجم عن سفك دمه في الدفاع عن بني دينه وجنسه). ثم ينادي فارساً باسم الله، والقديس جورج، والقديس ميخائيل، ويناول السيف والمهماز ويلطم على وجهه لطمة خفيفة رمزاً إلى آخر إساءة يستطيع أن يصفح عنها، وإلى حياة العنف والجهاد