أن يحدث من خطر يذهب بسيادتها الذاتية. ومن النتائج الضرورية للكفاح بقاء القوي واستمرار تمتعه بالحياة. وهو حادث طبيعي؛ غير أنه أخذ في العصر الحديث صفة خلقية ونال استحساناً عقلياً وتأييداً عملياً، وهذا هو الذي جعل تلك القضية الخلقية من مميزات هذا العصر.
أما الدعوة إلى السلام العالمي الذي ينادي به نظام جنيف، والذي ربما يتنافى في الظاهر مع إقرار مبدأ تنازع البقاء إقراراً خلقيا، فهي دعوة مدخولة وأقرب إلى الخديعة منها إلى نداء إنساني عام يرجى من ورائه سعادة الجماعة البشرية، لأن القائم بها يفهم من السلام العالمي ترك النائم في أحلامه واستسلام الضعيف لضعفه واستمرار المستعمر في اذلاله، بينما هو يمثل لديهم جميعاً دور الحكم الذي اختير للفصل من خالق العالم.
تلك مظاهر العصرين ومنها يتكون طابعهما. فإذا نظرنا الآن إلى مصر، إلى مركز النص القانوني وقيمته فيها، وإلى نظامها الحكومي، وإلى المبدأ الخلقي للسياسة العملية فيها، وأخيراً إلى مبدأ التعليم واتجاهه، إذا نظرنا إلى كل هذا فهل يمكننا أن نظفر بحكم قطعي على طابع الحياة فيها؟ وهل يتهيأ لنا بصفة حاسمة أن نقول إن مصر تعيش في وقتنا الحاضر، أو في عصر القرون الوسطى، أو أنها لا تعيش في كليهما؟ وإذن في أي عصر تعيش هي؟
لنسترجع هذه الظواهر واحدة واحدة ونستعرضها في مصر حتى يكون الحكم نتيجة صحيحة لمقدماته.
أليست الـ والمبالغة في تقديس القانون من حيث هو (نص) قانوني فقط هي التي تحمل على أن يقوم برياسة الوظائف الفنية الكبرى التي تحتاج إلى تخصص وخبرة تامة في الفن كوظائف الصحة والتجارة والاقتصاد والمعارف. . . رجالُ كل مؤهلاتهم أنهم درسوا القانون الجنائي أو القانون المدني أو الدولي مثلاً؟ أليس شأن هؤلاء كشأن القساوسة في العصور الوسطى الذين ولوا الوظائف المدنية الفنية وليس لهم مؤهلات إلا أنهم من رجال الكنيسة ومدرسة القانون الديني؟
لماذا هذا الظلم وهذا الإجحاف الذي يصيب الفلاح سنوات وسنوات بسبب قانون تحريم تعديل ضريبة الأطيان قبل مضي ثلاثين سنة على وضعها أو تعديلها؟ أهذا شيء آخر غير