الجبال منها الديبل، وكانت ثغر السند قبل كراتشي الحاضرة وبرهمنا باذوراور والملتان. وكانت هذه البلدان قوية بمعابدها البوذية القديمة وخاصة معبد الملتان. قال البلاذري (وكان بُد الملتان تهدى إليه الأموال، وتنذر له النذور، ويحج إليه السند، ويطوفون به ويحلقون رؤوسهم ولحاهم عنده، ويزعمون أن صنما فيه هو أيوب النبي صلعم) أما من الناحية السياسية فقد كان يتوزع بلدان السند وقبائلها عدة ملوك متقاطعي الكلمة مختلفي الأهواء وكان أقواهم سلطاناً إبان غزو العرب للسند ملك يقال له داهر، فهو الذي أشجى قواد الحجاج وأذاقهم مرارة الهزيمة المرة بعد المرة. والطريف أن مصرع هؤلاء القواد لم يحمل الحجاج على الجد في قتال داهر بمقدار ما حمله عليه استغاثة امرأة عربية اعتدى عليها وعلى نسوة عربيات كن معها بعض قراصين البحر من أهل السند التابعين لداهر.
وذلك أن ملك جزيرة الياقوت فيما يروي البلاذري، أراد التقرب من الحجاج فأهدى إليه نسوة ولدن في بلاده مسلمات ومات آباؤهن وكانوا تجارا، فعرض للسفينة التي كن فيها قراصين من ميدالديبل فاخذوا السفينة بما فيها، فنادت امرأة منهن من بني يربوع: يا حجاج! وبلغ الحجاج ذلك، فقال يا لبيك! وأرسل من فوره إلى داهر يسأله تخلية النسوة. فأجاب بأنه أخذهن لصوص لا قدرة له عليهم. فأغزى الحجاج اثنين من عماله ثغر السند فكلاهما قتل، فأهتاج الحجاج وتجرد لقتال داهر، وكان قد أعد محمد بن القاسم لغزو الري فلما حدث ما حدث على حدود السند رأى في هذا الشاب من يرأب الصدع ويدرك الثأر، فرده عن غزو الري وعقد له على مكران وثغر السند، وأمره أن يقيم بشيراز حتى توافيه القوة التي أخذ يعدها لقتال داهر.
كانت هذه القوة مؤلفة من جيش وأسطول، أما الجيش فكانت عدته زهاء عشرين ألف مقاتل منهم ستة آلاف فارس من جند الشام الذين كانوا عدة الدولة الأموية ومعولها والذين وطئوا للأمويين أكناف ملكهم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. وأما الأسطول فكان يحمل المشاة والمؤن وعدد الحرب الثقيلة. ومن هذه خمس مجانيق ضخام، يقال لأكبرها (العروس) ويروي البلاذري أنه كان يمد فيها خمسمائة رجل. وبالغ الحجاج على عادته في إعداد الجيش حتى انه (. . . جهزه بكل ما أحتاج من الخيوط والمسال وعمد إلى القطن المحلوج فنقع في الخل الخمر الحاذق ثم جفف في الظل، فقال إذا صرتم إلى السند فأن