الخل بها ضيق فانقعوا هذا القطن ثم أطبخوا به وأصطبغوا، ثم تقدم إلى محمد ألاّ يقطع عنه أخباره بحيث يختلف البريد بينهما مرة كل ثلاثة أيام.
خرج محمد بن القاسم بجيشه من شيراز عام سنةهـ٥٩٠ فسار مشرقا متبعاً ساحل البحر يطوي الحزون والسهول، ويجوب المهامه والقفار، ويحدوه ما يحدوه الشباب الحي من حب للمجد وتعلق بأسباب المعالي، فتغلب على صحارى كرمان ومكران، وبلغ الديبل سالما. ولم يكد يحط رحاله حتى كان الأسطول قد وافاه بها. فشرع من فوره في مهاجمة المدينة. قال صاحب فتوح البلدان، (فقدم الديبل يوم جمعة ووافته سفن كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة فخندق حين نزل الديبل وركزت الرماح على الخندق ونشرت الأعلام وأنزل الناس على راياتهم ونصب منجنيقاً تعرف بالعروس كان يمد فيها خمسمائة رجل.) وكان بالديبل (بد) عظيم عليه دقل طويل وعلى الدقل (سهم السفينة) راية حمراء إذا هبت الريح أطافت بالمدينة وكانت تدور. . . وكانت كتب الحجاج ترد على محمد وكتب محمد ترد عليه بصفة ما قبله واستطلاع رأيه فيما يعمل به في كل ثلاثة أيام. فورد على محمد من الحجاج كتاب أن انصب العروس واقصر منها قامة، ولتكن مما يلي المشرق، ثم أدع صاحبها فمره أن يقصد برميته الدقل الذي وصفت لي. فرمى الدقل فكسر، فاشتد طرة (جزع) الكفر من ذلك ثم أن محمد ناهضهم وقد خرجوا اليه فهزمهم حتى ردهم أمر بالسلاليم فوضعت وصعد عليها الرجال. . . ففتحت عنوة. . . وهرب عامل داهر عنها. . . واختط محمد للمسلمين بها وبنى مسجداً وأنزلها أربعة آلاف، ثم سار محمد مصعداً مع النهر يريد داهر، وعظم جيشه فاستولى على مدينة الرور صلحاً. وأنضم اليه على اثر ذلك أربعة آلاف من الزط، وصار كثير من قبائل السند عونا له في حربه مع داهر. ثم عبر نهر مهران والتقى بداهر وجيشه. وكان على فيل عظيم ومن حوله الجند على فيلة تنذر محمداً وجيشه بفتك ذريع، ولكن محمدا أنقى شر الفيلة، بقذائف النفط الملتهب يرميها بها فهاجت واحترقت هوادجها بمن فيها من الجند، وانتشب بين الفريقين قتال هائل انجلى عن قتل داهر وتمزق جيشه، وتراجع فلوله إلى مدينة برهمنا باذ واقتفي محمد اثر تلك الفلول فاستولى على مدينة رور فبرهمنا باذ نفسها، ومن ثم زحف إلى مدينة الرور فحاصرها اشهرا ثم دانت له على أن يحقن دماء أهلها وألا يعرض لبدهم، وأن يؤدوا إليه الخراج. وقد وفي لهم بشرطهم وبنى