للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يتجاهل نتائجها الكبيرة تجاهلاً تاماً، وإذا كان من ذوي العقول الفلسفية فإنه يجد الاطلاع عليها ومحاربتها فيما يتصل منها بكل مسألة ومصلحة تعود إلى حياة الإنسان العليا واجباً عليه وفرضاً). . . (إن استنباط العواطف والأحاسيس من المعرفة العلمية - عملية بطيئة حتما؛ ولكن من مقاييس عظمة الشاعر كمفكر أن يقدر على أن يرى إمكان الاستنباط وعلى أن يساعد - بإدراكه المعاني الروحية للحقائق العلمية - على تتميمها وتكميلها)

ويدع الكاتب تفريقه (الفلسفي)، ويفاضل بين العلم والأدب من الناحية النفسية. فيقول: (إننا نعلم أن العلم يبحث عن الحقيقة فهو يستند إلى العقل، أما الأدب فيتكئ على الخيال، ثم ينظر في العقل والخيال: أيهما أعم في البشر وأظهر؟. . فيرى أنه الخيال (من غير شك) بل إن هذا الخيال ليمتد إلى صميم الحياة العلمية، فالعلم إذن (مدين للخيال أي للأدب)

ولكن من المبادئ الأولية في الأدب أن (التفكير) عنصر من عناصره الرئيسية الأربعة. فالأدب إذن يستند إلى العقل أيضاً. ومن ذا الذي يستطيع أن يزعم أن مسرحية (أهل الكهف) كلها خيال؟!!

فإذا كان العلم مديناً للخيال أي الأدب، فالأدب مدين للعقل أي للعلم. والنتيجة أن ليس هنالك تفاضل، ولا دائن ومدين. . . أليس كذلك؟!

أما أن الخيال أعم في البشر من العقل وأظهر، فغير صحيح والأدلة والأمثلة التي جاء بها الأستاذ لا تثبت أن من الناس من يملكون خيالاً ولا يملكون عقلاً، ليقال إن الخيال أعم من العقل، ولا أثبتت أن الذين يملكون خيالاً واسعاً أكثر من الذين يملكون عقلاً قوياً، ليقال إن الخيال أبرز في البشرية وأظهر نعم (ليس في الناس من لا يقدر على استعمال الخيال). ولكن ليس في الناس من لا يقدر على استعمال العقل، وإذا كانت عقول بعض الناس (محدودة القوى) ومحاكاتهم العقلية ضعيفة، فإن خيال الكثيرين محدود القوى ضيق المجال أيضاً. وإذا لم يكن في الناس من يعجز عن (تخيل حرارة النار وامتداد ألسنة اللهب) فليس فيهم من لا يدرك أن اقتحام اللهب، والدخول في وسط النار، يحرق جسمه ويقضي عليه! وقولك إن كثيراً من الناس (لا يقدرون على استعمال العقل على وجهه) لا معنى له، لأن جميع الناس يستطيعون أن يستقروا ويستنتجوا، وإنما الاختلاف كما سبق القول في الدرجة والمقدار

<<  <  ج:
ص:  >  >>