- أرأيت يا حبيبتي (!) لو نما هذا الكرم على الأرض من غير أن يحمله هذا العريش، هل كان يُؤتي أُكله، ويحلو عنبه كما هو حلو هكذا؟
- كلا يا أماه! هذا شيء بدهي!
- تعنين أن الكرم لا يستغني عن هذا العريش!؟
- طبعاً!
- ولا غناء للعريش من غير كرم!
- لا يكون منظره جميلاً رائعاً كما يكون ومن فوقه الكرم!
- عجباً لكن والله يا عذارى!! تعرفن ذلك، ولا تفكرن في عطلكن!!
- أوَ عاطل أنا يا أماه؟ ماذا تقولين!
- عفواً يا ابنتي. . . فإن لك ألف حلية من جمالك الذي لا جمال مثله. . . إنما قصدت أنكن تزهدن دائماً في أن يكون لكُن أزواج كما لهذا الكرم عريش. . . لاسيما أنت يا صغيرتي بومونا إني أعرف أن كل شباب المدينة مولعون بك، وكل أمراء النواحي متيمون في هواك؛ وأعرف أيضاً أن منهم من يتعذب بالليل، ويذل بالنهار، لأنك ترفضين أن تمنحيه نظرة حين يلقاك في الطريق، وقد وقف لهذا اللقاء ساعات وساعات. . . بل أعلم يا أجمل عرائس الغاب أنك قد برزت هيلين الهيفاء، وبنلوب اللعوب في كثرة العشاق الذين يعبدون جمالك، وتخبت قلوبهم لحسنك، وتتصدع صدورهم من هول ما تهجرين وتصدين. ماذا؟ لم يا بُنيَّتي لا تختارين لنفسك من بينهم كفءً يقاسمك هذه الحياة وتقاسمينه، ويشركك في هذه الحديقة الفيحاء وتشركينه، ويبسم لك وتبسمين، ويواسيك وتواسين؟ ما غايتك من هذه الوحدة، وأنت بها في منفى، ولو أينعت حولك ألف ألف بنفسجة، ومثلها من الورود والرياحين؟ وهذا الفتى المسكين الذي اسمه. . . اسمه. . . اسمه ماذا؟ آه! فرتمنوس! ذكرت أني سمعت أنه يحبك حباً أورثه السهد، وأولاه الضنى، حتى لم يبق منه هواك إلا حشاشة تترقرق دموعاً في عينيه، وتتأجج نيراناً في صدره. . . لم لا ترحمينه يا بومونا؟ لم لا ترثين له يا أجمل عرائس الغاب؟ إنه ليس إلهاً ولا نصف إله، ولكنه خليق بحبك جدير بأن تكوني له من دون العالمين، لأنه مغرم بك أكثر من كل عشاقك؛ وهو ليس كجميع العشاق، لأنه لم يحببك إلا عن بصر بك، وتقدير لحسنك، ولأن عشاق هذا الزمان