القرن السادس عشر على شئون الإمبراطورية، وتحدث بأعمالها وسياستها أعظم الأثر في مجرى السياسة الأوربية، وفي هذا القسم طائفة كبيرة من وثائق التاريخ الأوربي العام، وبه على الأخص مجموعة نفيسة من وثائق عصر الوزيرين الشهيرين كاونتز وزير الإمبراطورة ماريا تيريزيا، وقرينه ماترنيخ أعظم شخصية سياسية في التاريخ الأوربي في أوائل القرن التاسع عشر؛ ثم هنالك قسم المحفوظات السياسية، وهو يحتوي على مجموعة عظيمة من الوثائق التي تتعلق بالسياسة الداخلية والسياسة الخارجية، والمراسيم والبروتوكولات المختلفة، والمعاهدات والاتفاقات والمكاتبات الدولية، ولاسيما خلال القرن التاسع عشر، ووثائق الحكومة القيصرية منذ عصر ماريا تيريزيا حتى سقوط الإمبراطورية في سنة ١٩١٨، ثم قسم الوثائق الدستورية، وهو يضم مجموعات مختلفة من أوراق المجالس الإمبراطورية والمحلية حتى العصر الأخير. ولوثائق الأسرة، أعني أسرة آل هبسبورج قسم خاص يضم كثيراً من الوثائق والأوامر والتقارير الخاصة بالقياصرة وأعضاء الأسرة بوجه عام؛ وكذلك للبلاط قسم خاص يضم الوثائق المتعلقة به وبهيئاته المختلفة؛ وأخيراً يوجد ثمة قسم خاص للوثائق والمجموعات العلمية والتاريخية التي يهبها كبار العلماء والهواة إلى دار المحفوظات
وقد أفردت دار المحفوظات النمسوية معرضاً خاصاً لطائفة من التحف والوثائق التاريخية النادرة، يضم عدة مخطوطات لاتينية وقوطية قديمة، وقرارات إمبراطورية ترجع إلى عصور متأخرة وعدة معاهدات ومكاتبات تاريخية شهيرة رأينا من بينها مكاتبة طويلة من السلطان سليمان خان إلى القيصر، يلقب فيها (بسلطان سلاطين الشرق والغرب، صاحب ممالك روم وعجم وعرب. . الخ) وصورة معاهدة تركية نمسوية عقدت سنة ١١٨٩هـ بشأن تنظيم الحدود بين الدولتين، ومعاهدة أخرى صادرة من السلطان عبد المجيد خان، وقرارات مؤتمر فينا الشهيرة الذي نظمت فيه حدود الدول الأوربية وأحوالها عقب سقوط نابوليون وعليها توقيعات أعضاء المؤتمر، وغير ذلك من التحف والوثائق التاريخية النادرة.
ولنعد بعد ذلك إلى دار المحفوظات المصرية فنقول إنه من أشد بواعث الأسف أن تبقى هذه الدار على حالها من الخلل والفوضى، وأن تبقى بذلك مغلقة دون البحث والتحقيق،