نقلها عن إسلام ابن المقفع (ص٥٦) ولا في تلك التي أثبتها عن معارضته للقرآن، كما أني لست معه في أن بن المقفع (أوذي في سبيل حرية الفكر) وأنه كان (عدواً للعرب يسخر منهم) وأنه كان (زنديقاً ملحداً) إلى غير ذلك من الأحكام التي يتلمسها المستشرقون للرجل بالحق والباطل. ولقد كان في تقديري أن أناقش الأديب حمزة الرأي لولا أني رأيت المجال محدوداً، وأني لست بصدد الكلام على بن المقفع، ولكني بصدد القول في (كتاب). . .
بقي القول في أسلوب الكتاب وهي ناحية مهمة في تقدير الأثر الأدبي وتعيين قيمته؛ ولست متجنياً على الأديب الفاضل إذا تنقصت أسلوبه في بعض نواحيه، فهو ينهج نهج أستاذه الدكتور طه في تكرير اللفظ، ومرادفة الجمل، والإكثار من الحشو والاعتراض، ولكنه لا يُحكم ذلك ولا يجوّده، وربما تهافت إلى حد لا يطيقه الذوق، كأن يقول:(وهذا وهذا وهذا عدا الكتب الأخرى) وكأن يقول: (ويذهب به ما ذهب بنفوذ الأعراب وتقاليد الأعراب وعقول الأعراب) وأكثر من هذا فقد يهضم حق اللغة كأن يقول: (وقد كان القدماء يخشون من وضع الكتب. . . ولعلنا نخشى كذلك من وضع الكتب) وكأن يقول: (ثمناً غالياً وغالياً بأكثر مما يتصور الناس) وكأن يقول: (ولعل كتاب الأدب الكبير يكون أصدق مثل لما نقول) و (كان) لا تنقاس زيادتها إلا بين ما وفعل التعجب ولا تكون إلا بلفظ الماضي. وما أريد أن أتقصى وإنما أريد أن أنبه الأديب الفاضل لعله يتلافى هذه الهنوات وأمثالها في الطبعة القادمة إن شاء الله، خصوصاً وهو ربيب قسم اللغة العربية في كلية الآداب؛ ثم هو يزعم أنه يتصوف تصوفاً علمياً وأدبياً فيعكف على العلم والأدب آصائل النهار ونواشئ الأسحار، وما يليق (بمتصوف) الأدب أن يكون أسلوبه في شيء من التهافت وضعف التأليف؛ وما يليق به أن يفنى في غيره، وإنما الواجب أن يكون له طريقته ونهجه، فإن الفناء في شخصية أخرى (فناء)
على أن الأديب حمزة والحمد لله ليس من المكابرين في قيمة الأسلوب فهو يرى أن (من حق الأسلوب أن يجود وليس كاتب ولا عالم ولا مؤرخ إلا ويجب (؟) أن يصرف في العناية أقصى ما يستطاع) ولكنه يعتذر عن نفسه بأن (الوقت لم يتسع للتجويد في الأسلوب) وأنا لا أدري ما الذي ضيق عليه الوقت، وما الذي حمله إلى إخراج كتابه قبل أن يستكمله تجويداً وتحريراً كأنه لم يعلم أن المرء ما يزال في فسحة من عقله حتى يؤلف