للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يتكلم في رأيه عن أمر لم يخبره بالتجربة كان كل روائي الذهن عالماً مدهشاً، وساد في الناس سفسطائيوهم وكذابوهم والمتجرئون منهم على الحق والعلم

وهكذا بطأت خطوات العلم في التاريخ منذ عرف الإنسان إلى ما قبل القرون الثلاثة الأخيرة، حتى وصل الناس إلى مفتاح هذه السرعة الهائلة في الوصول إلى النتائج العملية والآراء النظرية في مدنيتنا الحاضرة. هذا المفتاح هو الطريقة العلمية، فكيف بدأت (الطريقة العلمية) بدءها الواضح في تاريخ الناس؟

كيف يفكر العلماء؟

يروى لأرسطو قوله: (لو استطعت أن أجد نقطة في الكون تصلح محور ارتكاز لرفعت الأرض كلها على رافعة). وقال ديكارت شيئاً مثل ذلك، ولكنه كان أبعد أثراً في تاريخ الفكر البشري. قال: (لو كنت أستطيع أن أجد حقيقة لا ريب فيها لبنيت عليها كل العلوم) - حقيقة واحدة فقط! هذا يدلك على مبلغ شك الرجل (العلمي) وحذره في كل ما يرى ويسمع. فليس شيء عنده حقاً حتى يتضح بالوسائل التي تدفع كل شك؛ وليس شيء ينفى إلا بعد براهين النفي كاملة. فموقف الرجل العلمي تجاه المسائل هو موقف الحياد التام

وإذا لم يعتبر ديكارت (١٥٩٦ - ١٦٥٠) نفسه أول واضع لأساس الطريقة العلمية في التفكير البشري الفلسفي، فلا ريب أنه من أول الواضعين، كما يعتبر جاليلو (١٥٦٤ - ١٦٤٢) مؤسس الطريقة العلمية التجريبية في العلوم

ويمثل كل من الرجلين في ميدانين من ميادين التفكير البشري (الرجل العلمي) الذي امتلأت جوانحه بملازمة الصفات التي يتصف بها أمثالهما من العلماء

فالرجل العلمي يعشق الحقيقة ويصبر على الوصول إليها. هو ذو عين يقظة حذرة ترى الدقائق في الأشياء المعرضة للبحث والدراسة. وما أشد هذه الخاصة ندرة! فإن عدداً من الناس يشهد حفلا فإذا سئلوا بعد انفضاضه عن عدده تشعبت أقوالهم عجباً، وتداخلت عواطفهم إلى حد يفسد الوصف ويشوه الواقع. فالرجل العلمي قوي الملاحظة صحيحها، دقيق الوصف لها. قال السير ميخائيل فوستر في خطاب له في رياسة المجمع البريطاني: (يكتفي الرجل - الرجل غير العلمي - بقوله (تقريباً) و (حوالي)، أما الطبيعة فليس عندها من ذلك شيء. ليس من طريقها التوحيد بين شيئين مختلفين مهما دقت شقة الخلاف بينهما،

<<  <  ج:
ص:  >  >>