لشاب يدعى شوبار أدخلت في نفسه انشراحاً وحبوراً وتحولت حياته إلى حياة جديدة
وترجع هذه الصداقة إلى سماع شوبار بشهرة فرانز الفنية من بيت سبون فقرر أن يزوره في داره فلقيه بعد أن عاد من المدرسة القروية جالساً إلى مكتبه تتكدس حوله أكوام المخطوطات الموسيقية
رغب أبوه في هذا الوقت في أن يقوم ابنه بتعليم تلامذة مدرسته الأحرف الموسيقية، ونفذ الابن هذه الرغبة إلى حين حتى نجح شوبار بإلحاحه عليه بالعودة معه إلى فينا فهجر التدريس ورجع معه حيث تقاسما العيش فرحاً معترفاً بجميل صديقه إذ بتمام الصداقة بينهما تقدم سير مصنفاته تقدماً سريعاً في جو هذه الحرية الجديدة. ولكنه برغم ذلك لم تتقدم حالته المادية بسبب إسرافه وتبذيره وعدم انتظامه في معاملة الناشرين. بل إن الحالة أدت به إلى أن يبيع أغانيه مرة بما يساوي أربعة قروش للأغنية الواحدة؛ إلا أنه خفف من هذه الحالة كثيراً اشتراكه هو وأصدقاؤه في العيش حتى أن القبعات والمعاطف كانت على الشيوع فيما بينهم جميعاً. وهذا النوع من الحياة وما كان يتخلله من فترات يقضيها فرانز مع أصدقائه في الجبال الهنغارية بقي على هذا الأسلوب حتى آخر أيامه القصيرة. ولذلك لا نعجب إذا كنا نراه يرفض بلباقة ما كان يُعرض عليه بين حين وآخر من وظائف العزف على الأرغن علماً منه أنه غير جدير بعمل يحتاج إلى الاستقرار والنظام
ولم يُسمع عنه أنه وهن يوماً أو تباطأ في عمله الخاص، بل كان يجلس إليه في الساعة التي يستيقظ فيها؛ بل إن حمى العمل إذا أصابته دفعته إلى الكتابة والقراءة في الوقت الذي كان عليه أن يهجع فيه للنوم
وبرغم أن الحياة صدمته صدمات عنيفة لم تستطع أن تغير من خلائقه، فقد كان شوبير الطائش الغافل ذو الفكر المضطرب المثل الأعلى للصداقة، المحبوب من كل معارفه، المتواضع الذي لا يعنيه من أمر الظهور شيء. أما قده فلم يكن جميلاً، وأما طلعته فلم تكن بهية، فهو في كل أدوار حياته (فرانز شوبير الصغير ذو المنظار على عينيه)
ويحسن أن نعرف أنه ألف فرقة موسيقية قبل وفاته بعام واحد وافتتح بها صالة كانت تزدحم بالمتفرجين، وأصابه منها ربح يعادل اثنين وثلاثين جنيهاً، ولكنه أتى عليها سريعاً. ويدل على إسرافه أن باجانيني الموسيقي المشهور جاء إلى فينا ليطرب جمهورها لأول