للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال لها مرة: (إن الحب يا عزيزتي. . .) قالت: (إن فلسفة الحب. . .) قال: (بل أعني حقيقة الحب ومعناه. . .) قالت: (دع عنك يا حبيبي. . . إن أحلام الحب هي شيء غير الحب، أفأنت تريد. . .؟) فاختلجت شفتاه وأطرق، وراح يسأل نفسه: (ما الحب وما فلسفة الحب؟ يا ضيعة المنى إن كان الحب شيئاً غير الذي في نفسي!) وتحدث ضميره في ضميرها فابتسمت وهي تقول: (. . . أنا ما أحببتك رجلا بل فكراً وروحاً ونفساً شاعرة، وأنت بكل ذلك ملء نفسي وملء قلبي؛ فلا تلتمس فيّ طباع أنثى وإلا ضل ضلالك أيها الحبيب. .!) قال: (فهل رأيتني يا حبيبتي إلا فكرة تطيف أبداً بك، وروحاً ترفرف حواليك، ونفساً نغترف الشعر والحكمة من وحي عينيك. . .؟) قالت: (دع عنك ذكر عينيّ يا حبيبي. إن الحب ليس هناك، إن الحب. . .) قال: (لا تحدثيني عن الحب. يخيل إلي أني أعرفه لأني أجد مسَّه على قلبي كلذغ الجمر، ولكن آه، ولكنك أنتٍ. . .)

وقالت له نفسه: (إنك يا صاحبي تضرب في بيداء؛ إن الشعر والحكمة والفلسفة لا تلد الحب، فهل أحببتها أنت إلا للشعر والحكمة والفلسفة؟ ولكنك بذلك لن تجد منها الحب، إن الحب من لغة القلب، أما هذه. . .)

وكان يحبها أديبة فيلسوفة شاعرة، فعاد يباعد بينه وبينها أنها فيلسوفة شاعرة. . .!

وامرأة هي كانت - إلى أدبها وفلسفتها - (فتنة) خلقت امرأة، فإذا نظرت إليك نظرتها الفاترة فإنما تقول لقلبك: إذا لم تأت إليَّ فأنا آتية إليك. . . وهي أبداً تشعر أن في دمها شيئاً لا يوصف ولا يسمى ولكنه يجذب ويفتن، فلا تراها إلا على حالة من هذين، حتى ليظن كل من حادثها أنها تحبه وما به إلا أنها تفتنه. . .

(رشيقة جذابة تأخذك أخ السحر، لأن عطر قلبها ينفذ إلى قلبك من الهواء؛ فإذا تنفست أمامها فقد عشقتها. . .

(أما أنوثتها فأسلوب في الجمال على حدة؛ فإذا لقيتها لا تلبث أن ترى عينيك تبحثان في عينيها عن سر هذا الأسلوب البديع فلا تعثر فيهما بالسر ولكن بالحب. . . . . . وتنظر نظرة الغزال المذعور أُلهِم أنه جميل ظريف فلا يزال مستوفزاً يتوجس في كل حركة صائداً يطلبه. . . . . .)

والرافعي رجل كان - على دينه وخلقه ومروءته - ضعيف السلطان على نفسه إذا كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>