للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فهو نظام ضد الطبيعة وضد المبدأ الخلقي السائد بين الشعوب وهو مبدأ رعاية الجوار

الديمقراطية الفاشستية

أما النظام الفاشستي فهو نظام ديمقراطي أيضاً، أي نظام مبني على سيادة الشعب لنفسه، ولكنه لا يبالغ في المعنى الشعبي ولا يسيء فهم المساواة بين أفراد الشعب فيجعلها مساواة مزعومة في الإنسانية

فهو يعترف بسيادة الفرد الممتاز: الملك أو الرئيس الجمهوري، وبوجوب المحافظة على سيادته، وبذلك منع الإغراء بالمعنى الشعبي كما أنه لم يجعله وحده سبب التفضيل. فهو إن حرم النظام الأرستقراطي، أي قصر وظائف الدولة الكبرى على طبقة مخصوصة بما لها من شرف مزعوم، إلا أنه أباح لأفراد الشعب أن يتولوا تلك الوظائف إذا وهبوا الكفاية في العمل. وإذن فأساس القيام بالخدمة العامة والانتفاع بسلطة الوظائف الكبرى ليس هو النسب الأصلي على الإطلاق، ولا هو الشعبية بدون قيد، وإنما هي الكفاية والجدارة أينما وجدت. فمعنى إقصاء الأرستقراطية عنده عن الحكم إبعاد تلك الطائفة التي استعبدت الطبقات الفقيرة لا لسبب إلا أنها تنتسب إلى أصل قد تعوّد الحكم مع أنها في نفسها قد تكون مصابة في مزاجها العقلي ومنحطة في مبدئها الخلقي. ومعنى تقريب الشعب من الحكومة إعطاؤه هذا الحق وإزالة مبدأ (الأصل والنسب) من طريقه، أما مباشرة أمر الحكومة نفسها فذلك مرهون بالكفاية الشخصية

ولما كان النظام الفاشستي يقرر مبدأ الكفاية فانه لا يقول بإزالة الفوارق الطبيعية بين إنسان وآخر، أي لا يعمل على إهمالها وعدم اعتبارها لأن ذلك يناقض اتخاذ الكفاية قاعدة للاختيار، بل بالعكس هو يؤيدها ويتعهد القوى الفطرية في الفرد التي تؤهله لأن يقوم بعمل عام فيما بعد برعاية الدولة

ولأن الكفاية الشخصية هي مبدأ التفضيل فقد أصبحت الفوارق الاجتماعية: فوارق الطبقات المختلفة، عديمة الأهمية والاعتبار، كما أصبحت الرأسمالية قليلة الأثر في اختيار من يقوم بالأمر ويتقلد مناصب الحكومة

أما تحويل الإنتاج الأهلي إلى حكومي ومنح حق التملك للحكومة وحدها، كما ترى نظرية النظام الشيوعي تحقيقاً لمعنى المساواة الموهومة المغرية، فلا يجد قبولاً لدى النظام

<<  <  ج:
ص:  >  >>