الفاشستي، لأنه من الوجهة العملية عسير التحقيق فوق ما فيه من إخماد للقوى الفردية وإنكار لمنزلتها الأدبية وإنتاجها العملي أيضاً. ولكنه في الوقت نفسه يبيح للدولة التدخل في اختصاص الرأسمالية لمصلحة الفرد العامل وموازنة إنتاج الأمة، فتدخله بمثابة كف لطغيان الرأسماليين في الهيئة العاملة، أو منع محاولة ضغطهم على الحكومة في توجيهها توجيهاً معيناً لمصلحتهم الشخصية أو لغرض سياسي دولي آخر
الديمقراطية البرلمانية
والواقع أن النظام الشيوعي والفاشستي جاءا وقد وجدا أمامهما مسائل كثيرة عجز النظام الديمقراطي البرلماني عن حلها، إما تمشياً مع وجهة نظره أو لكثرة إجراءاته وطول مدتها التي من شأنها العمل على تحويل بعض المسائل الاجتماعية الصغيرة في بدء أمرها إلى معضلات تظهره فيما بعد بمظهر العاجز. ومن أهم تلك المسائل تحكم أصحاب رءوس الأموال في الطبقات الفقيرة الذي تسبب عنه هذا الجفاء الكبير والعداوة الشديدة بين صاحب العمل والعامل
فالديمقراطية البرلمانية الشائعة التي تفهم من المساواة الإخاء الشعبي والعالمي، ومن الحرية تفكير الفرد في دائرة القانون العام وعادات الأمة، ومن العمل أن يتعدى حدود المصلحة العامة إلى غيرها، هذه الديمقراطية التي تسيء في الواقع فهم المساواة وفهم الحرية إن هي نجحت في مكافحة الأرستقراطية أو على الأصح في كبح طغيانها قد ساعدت على تحكم أصحاب رؤوس الأموال بحجة (الحق المشروع) والمحافظة على حرية الفرد في تصرفه فيما يملك ولو كان في ذلك ضرر الغير وضياع المصلحة العامة. وفي الواقع هي لا تحافظ على حرية الفرد وإنما تغريه بما يخرج عن معنى الحرية الفردية الصحيحة؛ تغريه أن يتحكم بما له في الطبقة التي دونه في الثروة أو على تبذيره والإسراف فيه ابتغاء شهواته النفسية؛ تغريه بالاستخفاف بعادات غيره ومعتقد السواد الأعظم من الشعب، كل ذلك باسم الحرية. فهي تؤمن بنظرية الفرد، أكثر من إيمانها بنظرية - تقدِّس الفرد وتضحي بمصلحة المجموع. فللفرد أن يعمل ما شاء وإن فنيت الدولة في عمله. وهذا في الواقع رد فعل لحكم الاستبداد الذي سبق الحكم الديمقراطي البرلماني. فالفردية في الحكم الأرستقراطي كانت مستمرة لا لمصلحة الجماعة بل لمصلحة الفرد الحاكم. فلما جاء النظام