ذلك وجه من الصحة. ولكن جمع السلطة وتركيزها في يد فرد من أفراد الشعب إن أتى بنتائج إيجابية في وقت وجيز يعجب الإنسان منها ومن عظمتهافقد لا يضمن الوفاء بأمثالها في المستقبل إذا ما انتقلت السلطة إلى فرد آخر ربما يستغل هذا التركيز لغير مصلحة الأمة. والمعروف اليوم أنه إذا كان رجال الحكم الفاشستي قد جمعوا كل سلطة في الدولة في أيديهم إلا أنهم لا يبرمون أمراً إلا بمشورة ذوي الخبرة في الأمة وبمعونتهم أيضاً وإن لم تكن لهم علاقة تبعية بالحزب السياسي. وأنا أذكر أن زعيم ألمانيا يحرص الآن على أن يتولى المناصب الاقتصادية الرجال الأخصائيون في المسائل المالية ولو كانوا من غير أتباع حزبه، كما أنه يأخذ برأي وزير الخارجية ووزير الدفاع في كل المسائل الخارجية وهما لم يتبعا في يوم من الأيام الحزب الوطني الاشتراكي
والديمقراطية معنى غير محدود. وكل نظام من نظم الحكم الثلاثة يدعي أنه هو الديمقراطي الصحيح كما ادعى كل فيلسوف من فلاسفة اليونان القدماء أنه هو وحده الذي وصل إلى الحقيقة في العالم. وفي الواقع لم تكن هناك حقيقة مطلقة ولكنها نسبية مقيدة وإذا كانت هناك حقيقة مطلقة فإنها على وفق المقدمات والدعاوى التي يفترضها الفيلسوف لنفسه
الديمقراطية الإسلامية
والآن بعدما تبين أن من معايب الحكم الديمقراطي البرلماني الجوهرية فناء المصلحة العامة أو التغاضي عنها محافظة على حرية الفرد المطلقة وعلى مصلحته الخاصة
ومن معايب النظام الشيوعي أن العلاج الذي يتخذه في توازن طبقات الشعب المختلفة هو الثورة والهدم وأن أسلوب حكمه على العموم هو الفوضى المطلقة
كما أن من نقائص الحكم الفاشستي عدم قابلية الفرد الشعبي الذي بيده سلطة الحكم للعزل مع احتمال طغيانه
بعدما تبين كل هذا نريد أن نعرف رأي الإسلام والحلول التي يقترحها ضماناً للتوازن، وبعبارة أخرى تجاه المسائل الاجتماعية التي يهتم بها نظام الحكم الحديث والتي هي في الحقيقة منذ بدء الجماعة الإنسانية تظهر من حين لآخر في شكل معضلات
نريد أن نعرف رأي الإسلام، وهل هو مع كونه ناجعاً يتجنب تلك الأخطار التي في أسلوب الحكم الخاص؟