وشغفوا برداء يلبسه جارهم لا حظ لهم منه إلا النظر إذا سمح الجار بذلك
هذا ما بعثني على تعريب هذا الكتاب الذي خرج إلى العالم منذ خمسين عاماً، ولا تزال الخزانة العربية تجهله، أو تعرفه وتتخلف عن تبنيه كأنه لا يمسها في شيء أو لا يعنيها من أمره شيء. على أنه كان خير كتاب سطره يراع غربي في التاريخ العربي. ولعل في إرجاء تعريبه سراً لأنه يخرج الآن في وهلة أصبح تعريبه حاجة ماسة لجيل عربي تيقظ على أمجاد غابرة، وعاد إليه حنينه الأول وحلمه الأسمى! ومن حق هذه الأمجاد أن نعمل على بعثها حتى تغدو أصواتاً تتردد في كل فج، وتصبح أصواتها أصداء تتجاوب في كل رجاء
قد يقول بعضهم: إن بين مصادر المؤلف مصادر واهية يظهر ضعفها، والكتاب ذاته ليس بذي قيمة كبيرة. ولقد يكون هنالك ضعف في المصادر وضعف في بعض المستنتج، وضعف في إحصاء أشياء، ولكن هذا لا يخلع عن الكتاب قيمته العلمية لأنه كتب في عهد بعيد قبل أن تكثر المواد التي جلت تاريخ العرب. وقد أبقينا على هذه الأخطاء لأن القارئ النبيه يستطيع تمييزها بسهولة، لأننا أحببنا أن ننقل الكتاب صورة صادقة أمينة يطلع القارئ خلالها على آراء الغربيين فينا إبان ذلك العصر. ولكن هذه التهمة لم يكن الباعث عليها ضعف المصادر فحسب، وإنما تعود أسبابها إلى أن المؤلف الذي يكتب عن العرب ينبغي له أن يعنى بإظهار سيئاتهم وطرح حسناتهم، وأن يعمل على تصويرهم شعباً مهدماً للمدنية لا بانياً، فجاء غوستاف لوبون العالم الجريء المنصف خارقاً عادات القوم متخطياً بدعتهم السيئة فكتب عن العرب ما لا يكتبه العرب عن أنفسهم، وفتح العيون العمي على ما لهم من حضارة وفضل على الإنسانية بوجه عام، وعلى الحضارة الغربية بوجه خاص، ولذلك لم يلق كتابه الرواج المنتظر في أمته. وناهيك بأن سياسة الغرب في ذلك العصر كانت تعد العدد وتختلق الحيل لاستعمار الشرق فكيف يروقها أن يظهر من يعدد لها فضائل هذه الأقطار التي تريد استعمارها بتهمة الوحشية ودعوة التمدين. فكان عدم رواجه نتيجة منطقية معقولة لهذه الفكرة المسمومة؛ وكانت حملات عليه كاذبة حاولت أن تطعن في العرب وفيمن ينتصر لهم. ومن دواعي الأسف أن هذه الفكرة لا تزال تصاحب هذا الكتاب، وسوف لا تزل مرافقة له حتى ينفض الغرب يده من هذه الأقطار وييأس من