افتخر، فالآمال موقوفة عليه، والثناء أجمع مصروف إليه، نهض بما قعدت همم الملوك عن ثقله، وضعف الدهر عن معاناة مثله، بهمم سيفية، وعزائم علوية، فرد شمل الدين جديداً، وذميم الأيام حميداً، بحق أوضحه، وخلل أصلحه، وهدى أعاده، وضلال أباده
فلا انتزع الله الهدى عز بأسه ... ولا انتزع الله الوغى عز نصره
وأحسن عن حفظ النبي وآله ... ورعى سوام الدين توفير شكره
فما تدرك المداح أدنى حقوقه ... بإغراق منظوم الكلام ونثره
لأن أدنى نعمة تستغرق جميع الشكر، وأيسر منة تفوت المبالغة في جميل الذكر، فأما هذا الفتح الشريف خطره، الحميد أثره، المشهور بلاؤه، الواجب ثناؤه، الباسق فرعه، العام نفعه، فأشرف من أن يحد بالصفات، أو يعد بأفصح العبارات)
وله من أخرى فيه أيضاً:
(شهاب ذكاء، وطود وفاء، وكعبة فضل، وغمامة بذل، وحسام حق: ولسان صدق، فالليالي بأفعاله مشرقة، والأقدار لخوفه مطرقة، تحمده أولياؤه، وتشهد له بالفضل أعداؤه
يقابلنا البدر من برده ... ويشملنا السعد من سعده
ولو فخر المجد لم تلقه ... فخوراً بشيء سوى مجده)
ولما مات سيف الدولة ولي نعمته كتب إلى عُدَّة الدولة يذكر له رغبته في خدمته وأن يطوي باقي أيام حياته تحت رحمته قال:
(ومن أبرز لسيدنا صفحة رجائه، ووفق للانقطاع إلى سعة نعمائه، فقد استظهر لما بقي من عمره، وحكم لنفسه بالفوز على دهره
فما يقدح الفقر في حاله ... ولا يطمع الدهر في قصده
وكيف وقد صار ضيف الغما ... م وهو قريب على بعده
ومن علقت بأبي تغلب ... يداه احتذى البدر من سعده
همام قضى الله من عرشه ... له بالإمارة في مهده
فطود السيادة في دسته ... وشمس الرياسة في برده)
وقد أجاب الأمير مسألته، وأناله مألكته، فكتب إليه من رسالة طويلة:
(أفصح دلائل الإقبال، وأصدق براهين السعادة - أطال الله بقاء سيدنا - ما شهدت العقول