للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهل بلياس. . . وجعل يحملق في الكنز العظيم الذي أتاه به ابن أخيه. . . وجعل يلمسه بيديه كأنه لا يصدق. . . ولكن كيف لا يصدق وهذا بريق الذهب يكاد يذهب سناه ببصر عينيه جميعا؟!

- (ترى ماذا صنع هذا الفتى حتى وسعه أن يقهر ملك كولخيس على هذا الكنز العظيم؟ إن الملك كان أحرص عليه من نفسه التي بين جنبيه؟ ألا كم هلك أناس طمعوا في فروة فركسوس؟ عجلا فلكان! وأرض مارس! وجيل بأكمله ينبت من أنياب التنين. . .؟ والأفعوان الهولة الذي يحرس الفروة؟ أَظفر جاسون - هذا الفتى - بكل أولئك؟ جاسون ابن أخي؟ عجيب وحق الآلهة. . .؟ بل أسأله، فلابد من سر في هذا الأمر. . .) وسأله، وتبسم جاسون، وراح يلفق قصة طويلة قذف بها الرعب في جوانح عمه، وظل يتغنى بشجاعته، ويصف ما كان من ظفره بعجلي فلكان، وحرثه الأرض الجبوب، وغرسه أنياب التنين، ثم هذه الحرب الزبون التي شبها عليه المردة وما كان من إفنائه لجموعهم، وتلك الملحمة التي قتل فيها التنين الرهيب الذي وكلت إليه حراسة الفروة العظيمة. . . ثم إنه لم يشر بكلمة إلى ميديا

وأكرم عمه مثواه. . . وكلما طلب إليه جاسون أن يتنزل له عن العرش، مطله وراوغه، وزخرف له الأماني. . . حتى أيقن جاسون أن عمه يعبث به، بل يدبر له غيلة يخلص له العرش من بعدها، ولا يعكر عليه صفو الحياة أيٌّ من تلاميذ شيرون!!

ولقي جاسون أباه، فراعه أن يرى كومة من العظام نخرها الكبر، وجللها المشيب، وأوهاها الحزن، وأوهنها الألم المتصل، وناءت تحت كوارث الزمان. . . وبكى جاسون! ولكن أباه انتهره وقال له: (أي بني ليس لرجل مثلك شب على فضائل شيرون أن يبكي! إنما يبكي النساء والمستضعفون من الرجال. على أنه ماذا يبكيك؟ ألا إن كان يبكيك اقتلاع أبيك من العرش فلهذا عهدت بك إلى أستاذك العظيم، وأحسبه قد ذكر لك ما كان من وصاتي له حينما عهدت بك إليه يهذبك ويؤدبك. . . ولقد أصبحت رجلاً شيخاً هالكا، أما أنت فمن صباك في إبان، ومن عنفوانك في ريعان، وأنت بالعرش أحق مني وأولى، وهو بك مني ومن عمك أليق، ولن أغفر لك قعودك عنه، وليس في تساليا إلا شعب يحبك، ورعية تلهج بالثناء عليك، فشمر عن ساعدك، واطلب حقك بالقنا يا جاسون)

<<  <  ج:
ص:  >  >>