وسكنت إيزابل في الطابق العلوي في الغرفة الأخيرة من البهو الكبير. . . واستدعت المديرة فأوصتها ألا يرتفع للخدم ضجيج ولا لغط لأنها اختارت هذه الغرفة لتخلو إلى نفسها فتكتب ما هو مطلوب منها من القصص. . . وطمأنتها المديرة. . . وذهبت
وأقبل فوج آخر من السياح، فنهضت المديرة تدبر له الغرف اللازمة. . . وكانت قريباً من غرفة إيزابل غرفة تقوم للبهو مقام مخزن. . . فاستدعت ميشيل وخادمة أخرى لتساعده في نقل الصناديق والأمتعة المحفوظة بها. . . ثم أمرتهما أن يلزما السكينة والصمت، وألا يقطعا على النازلة في الغرفة رقم ١٧ هدوءها. . . (لأنها تكتب لك قصة رائعة يا ميشيل!)
وامتثل الخادمان، وأخذا يحملان ما بالغرفة. . . ولم يبق إلا هذا الصندوق الثقيل الذي لا يعرفان ماذا كان بداخله. . . فلما أخرجاه من الغرفة، وشرعا يحملانه في البهو. انفلت من يد الخامة فهوى إلى الأرض، وانتثر ما بداخله من أطباق وزجاج، فصار هشيماً، وأحدث في البهو صوتاً مزعجاً كأنما هوى الفندق كله وصار أنقاضاً على أنقاض. . . وأقبلت المديرة ترغي وتزبد وتصخب، وتلعن وتسب. . . وبرزت إيزابل كالمجنونة لأن كل أفكارها طارت كالحمام من برج رأسها. . . - كما عبرت هي - واجتمع السياح والخدم يشهدون ويتسلون بدافع الفضول. . . ثم التفتت المديرة إلى ميشيل، وهي تنظر في الوقت نفسه إلى إيزابل وقالت له:(أما أنت أيها المشئوم فمفصول من عملك، ولا حاجة للفندق بك!)
وغضب الفتى وإن لم يتكلم. . . وقبل أن يذهب لشأنه هتفت به الأديبة الإنجليزية وواسته بكلمة، ثم صافحته، ودست في يده ورقة مالية كبيرة. . . واعتذرت مع ذاك إليه، لأنها كانت سبب ما لحق به من أذى. . .
ولم يذهب ميشيل البائس ليأخذ متاعه ويمضي. . . بل انطلق كالمجنون يذرع طرقات روما العتيدة، حتى كان عند تخومها. . . وهو ما يزال قابضاً على الورقة المالية، ولا يدري ما هي؟! ثم نظر في البطاح القريبة فرأى ضاحية تيفولي ببلوطها الرائع وحورها الجميل، وشجر السرو المعجب البارز في جنباتها. . . فانطلق في طريقه إليها. . . حتى إذا بلغها، كان قد نال منه الجهد، وأحس بتعب شديد. . . ولم يكن ثمة مكان يستريح به إلى