هذه الفنادق الهائلة التي تشتهر بها هذه الضاحية. . . فلم يبال. . . ودخل أول واحد منها، ثم انحط على كرسي كبير عند مائدة، وأسند رأسه وراح يحلم بماريا. . . وبأيام ماريا. . . ويسكب دموعاً حارة. . .
له الله! كم ألف فكرة طافت برأسه الثائر وقلبه المشبوب!!
ثم أقبلت نادلة فهمست به وهو في سكراته: ماذا يطلب. . . بيد أنه كان غارقاً في هواجسه وأحلامه، فلم ينظر إلى الفتاة. . . ومدت هي يدها الصغيرة اللينة توقظه. . . أو تنبهه. . . فرفع رأسه قليلاً. . . لكنه أحسن كأنما الدنيا تدور به، وكأنما الأرض تسوخ تحت قدميه. . . وصرخ يقول:
- ماريا. . . أنت هنا. . .؟
وانهمرت دموع الفتى المسكين تغسل خديه الأشحبين. . . وقالت ماريا تجيبه، وكأنما حُلّت عقدة السحر. . . (أجل يا ميشيل أنا. . . هنا! فمن جاء بك؟)
- لقد طردوني يا ماريا. . . فذهب قلبي يبحث عنك حتى اهتدى إليك. . .
- شكراً للمقادير يا عزيزي. . . ولكن. . . أما تزال تحبني؟
- وكيف عرفت يا ماريا؟
- لقد كنت أحسبك تعبث بي. . . وهذا ما جعلني أفر مع فراري غليظ الكبد، وأتزوجه في نابلي. . . نابلي! آه لهذه البلدة المتوحشة!!
- أنتِ؟ تزوجت من فراري. . .؟
- أجل. . . ولكنه كان زواجاً منحوساً. . . لقد عشت معه ثلاثة أشهر، كانت نكداً كلها. . . والحمد لله. . . لقد قتل في شجار نشب بينه وبين عصبة من رعاع نابلي، فأراحني الله منه. . .
- إذن أنت خالصة الآن لي؟!
-. . .؟. . .
- إذن هلمي يا ماريا. . . هلمي. . .
- أهذه ورقتك؟ ماذا؟ ورقة مالية كبيرة. . . بخمسين ليرة؟!
- لا. . . إنها ليست لي، ولكنها لسيدة إنجليزية تصدقت بها علي. . .