الاشتراك في الحكم بكل صور الإضراب، ويتحملون ألوان المصادرة والنفي والسجن والتشريد، بينما يتهالك غيرهم على التقاط الفتات المتساقط من مائدة الغاصب على حساب الوطن وحرية البلاد
ثم اسمع المؤلف يروي لك في الصفحة ٧٢ قصة ثورة مارس سنة ١٨٠٠ قال:
(سارع (السيد عمر مكرم) إلى الخروج من عزلته إذ رأى الواجب يناديه إلى العمل. . واجتمع في قلوب الشعب عامة عوامل تدفعه وتذكي حماسته من غضب الكريم لكرامته، وخوف الشريف على شرفه، واشتعلت العاطفة الوطنية في الصدور، تثيرها ذكريات المجد التالد من ماضي القرون، فلم يكن إلا أن صاح السيد عمر صيحته. . . حتى هبت الثورة المصرية الكبرى التي دامت تضطرب في القاهرة سبعة وثلاثين يوماً، ودخلت في أثنائها قلوب المصريين عامة في بوتقة الانصهار ليكون منها شعب جديد يتقارب فيه الأمير من العامي، ويمتزج فيه الكبير بالصغير، وتنبغ من غمرات ذلك أمة حديثة، يحس فيها الفرد بأنه للمجموع، ويحس فيها المجموع بأنه من الأفراد)
. . . ص٨١ (كان السيد عمر قد عاد إلى مصر مضطراً، ثم حاول أن يقاوم الأجنبي عندما لاحت له الفرصة فلم تواته الظروف وعجز، ولكنه كان لا يزال يأمل أن يبقى على جهاده حتى تحين فرصة أخرى، فلم يرض أن يقيم على أرض مصر مادامت أقدام الأجنبي تطؤها، فآثر العودة إلى الهجرة والبعد عن وطنه، وأن يتكبد المشقة والفقر ولوعة الفرقة من أحبائه وأشياعه على أن يقيم في بلاده لا يستطيع أن يتنفس فيها حراً)
ص٨٧ (. . . وأصبح السيد عمر بعد رجوعه من الجيش المنتصر رجل مصر وزعيمها. اجتمعت فيه الزعامة والجهاد والتضحية، وقد علاه عند ذلك تاج الانتصار والانخراط في سلك رجال الدولة الجديدة. ودخل القاهرة فكان دخوله يوماً من الأيام المشهودة، إذ خرج الناس للقائه والترحيب به)
أنشأت أطالع الصفحة الأولى من (سيرة السيد عمر مكرم) فلم أكد أبدأ الكتاب حتى وجدتني عاجزاً عن تركه لحظة؛ ومازلت به حتى وصلت إلى الصفحة ٢١٩
ولما فرغت من دراسته ضممته إلى أحب مراجعي إلي، وألفيتني على ظمأ إلى نهلة أخرى من مورد تاريخنا الحديث. ذلك المورد العذب الذي طالما حالت ظروف مصر السياسية