وكبريائه، ثم لا تكون الغلبة في النهاية إلا للحب على رأيه وفكره وكبريائه.
على أن كتاب السحاب الأحمر ليس كله خالصاً لصاحبته وأن يكن من وحيها؛ ذلك أن نسقه العجيب، ومحاولة الرافعي به أن ينصرف عنها، قد شرع له في الكتاب مسالك من القول لم تكن مما يقتضيه ما بينه وبين صاحبته.
في الفصل الأول من السحاب الأحمر، يتحدث الرافعي عن فتاة (عرفها قديماً في ربوة من لبنان، ينتهي الوصف إلى جمالها ثم يقف!) وهو يعني صاحبته التي أملت عليه (حديث القمر) وإنك لتقرأ حديثه عنها، ووصفه لها، وما كان من أثرها في نفسه؛ فتسأل نفسك: أي شئ رده إلى هذه الذكرى البعيدة فأيقظها في نفسه بعد اثنتي عشرة سنة محا الزمان بها في قلبه وأثبت؟ فلا تلبث أن تجد الجواب في الأسطر الأخيرة من هذا الفصل:
(إن من النساء ما يفهم ثم يعلو في معاليه الجميلة إلى أن يمتنع، ومن النساء ما يفهم ثم يسفل في معانيه الخسيسة أن يبتذل. . .
(إن من المرأة ما يحب إلى أن يلتحق بالإيمان، ومن المرأة ما يكره إلى أن يلتحق بالكفر. . .
(من المرأة حلو لذيذ يؤكل منه بلا شبع، ومن المرأة مر كريه يشبع منه بلا أكل. . .!)
أتراه بهذا يوازن بين واحدة وواحدة، ليقول لهذه: أن تلك كانت خيراً منك؟ وهل تحسبه كان يعتقد ذلك؟ أما أنا فاعرف من أخلاق الرافعي أن هذا معنى لم يكن يعنيه، ولكنها مساومة في الحب يريد بها أن يهيج غيرة صاحبته ليردها إليه، أو أنه أراد أن ينقذ كبريائه فيزعم لصاحبته أنه لم يكن يعنيها برسائل الأحزان، لأن هنالك أخرى. . .
وتقرأ (النجمة الهاوية) في الفصل الثاني، فتسمعه يقول:(تتم آمالنا حين لا نؤمل!) فما تشك أن هناك رسالة إليها، رسالة يمليها الحب المغيظ المحنق، يحاول فيها أن يوهمها أنها لم تعد شيئاً في نفسه، وأنه قد تمت آماله واستراحت نفسه فليس له فيها أمل ولا يتعلق بها رجاء؛ ثم يستطرد في معاني البغض والهجر والقطيعة بأسلوب قاسٍ عنيف، ولكن قلبه العاشق المفتون ينبض في كلماته؛ فما ينتهي الفصل حتى يستعلن حبه من وراء كلمات البغض وهو يقول:(أشأم النساء على نفسها من لا تحب ولا تبغض، وأشأمهن على الناس من إذا عدت مبغضيها لا تعد إلا الذين أحبوها. . .!) وأنني لأعرف الرافعي وأستمع إلى