همسات قلبه، فهل ترى ترجمة هذه العبارة إلا أنه يقول:(إنني أحبك يا أشأم النساء!)؟
اقرأ في آخر هذا الفصل الصاخب قوله:
يا من على الحب ينسانا ونذكره ... لسوف تذكرنا يوماً وننساكا
إن الظلام الذي يجلوك يا قمرٌ ... له صباح متى تدركه أخفاكا
ويتحدث في الفصل الثالث عن السجين تحمله عربة السجناء إلى قضائه، وزوجته التي تحبه تشيعه بنظراتها الجازعة؛ فتعرف من وصفه لساعة الفراق بين الزوجين الحبيبين، أي خاطرة في الحب ألهمته هذا الفصل البديع، وكأنك تسمع الرافعي يتحدث فيه عن نفسه مما فعل به الفراق:(ما الفراق إلا أن تشعر الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء لأن أرواحاً أخرى فارقتها؛ ففي الموت يمس وجودنا ليتحطم، وفي الفراق يمس ليلتوي؛ وكأن الذي يقبض الروح في كفه حين موتها، هو الذي يلمسها عند الفراق بأطراف أصابعه!
(وإنما الحبيب وجود حبيبه لأن فيه عواطفه؛ فعند الفراق تنتزع قطعة من وجودنا فنرجع باكين ونجلس في كل مكان محزونين كأن في القلوب معنى من المناحة على معنى من الموت. . .
(. . . ترى العمر يتسلل يوماً فيوماً ولا نشعر به، ولكن متى فارقنا من نحبهم نبه القلب فينا بغتة معنى الزمن الراحل، فكان من الفراق على نفوسنا انفجار كتطاير عدة سنين من الحياة. . .)
ويتحدث في الفصلين الرابع والخامس عن تجارة الحب، وعن المنافق، فتلمح من وراء حديثه معنى لا يريد أن يفصح عنه، وإنه لبسبب مما كان بينه وبين صاحبته؛ أفتراه يشير به إلى شئ من أسباب القطيعة؟
وفي الفصل السادس يتحدث عن حب الأم في قصة والدة ضل ولداها الصغيران ثم اهتدت إليهما:
(الحب! ما الحب إلا لهفة تهدر هديرها في الدم، وما خلقت لهفة الحب أول ما خلقت إلا في قلب الأم على طفلها. . . حب الأم في التسمية كالشجرة: تغرس من عود ضعيف، ثم لا تزال بها الفصول وآثارها، ولا تزال تتمكن بجذورها وتمتد بفروعها حتى تكتمل شجرة بعد أن تفنى عداد أوراقها ليالي وأياماً. وحب العاشقين كالثمرة: ما أسرع ما تنبت، وما