- أو تلك قسوة؟
- أجل. . . إذ كيف يصبو فؤادي الذي هو لك إلى امرأة سواك!؟
- إذا كانت هذه قسوة أيها الأب، فماذا إذا صرحت لك أني لا أملك أن أبادلك حباً بحب ولا عاطفة بعاطفة؟ فإذا كنت لا أملك هذا، فخبرني كيف أجزيك على حبك؟ أأجزيك عليه بأن تحضر كل يوم فتسبح بحبي وتذكر محاسني! أواه! ما أقساك أيها القدر!!
وكان الأب الجليل ما يزال راكعاً بين يدي مادلين، فلما أهوت على قلبه بهذا التصريح هب منتفضاً كالغراب (!) الذي بلله القطر، وجلس على كرسي قريب.
- وهل تسمحين أن أعطف عليك. . . مجرد عطف. . . على ما نابك؟
- تعطف عليّ؟ بل تريد أن ترثى لي لأني شبه مقعدة؟ إني إذن أحتقرك!
- أوه مادلين! أردت أن أقول (أحبك!)
ثم انقض على يدها الضعيفة الجميلة يمطرها آلاف القبل. . . فقالت له بعد إذ لم تستطع أن تذوده:
- هذا جميل! ولكن لنفرض أن السينور نيروني فاجأك الآن، فماذا عساك أن تفعل؟ وأفاق من سكرة حبه على الاسم المخيف فقال: (سينور نيروني؟!)
- أجل. . . سينور نيروني؟ أترسله إلى الأسقف وزوجه السيدة برودي؟)
- ولم تسألين؟
- لم أسأل؟ إني أحببت أن تعلم أن هناك رجلاً لا تذكره يدعى السينور نيروني؟!
- لا. . . بل أنت تنسين قلبك حين تذكرين السينور زوجك! إنك لا تحتفظين له بإثارة من الحب لأنه غير خليق بك
- القلب مرة أخرى؟! مالك كيف تتكلم أيها الأب؟ تريد أن تقول أن المرأة التي لا تضمر حباً لزوجها لها الحق في أن تخونه؟ أو على الأقل لها ألا تخلص له! والذي يقول هذا كبير أساقفة الكنيسة الإنجليزية
واشتعلت الجحيم في رأس كبير الأساقفة، وعجب كيف تذله امرأة مقعدة كالسينورة نيروني، وتمنى لو استطاع فجعلها تسجد بين قدميه تطلب حبه كما فعل هو، وتمنى كذلك لو انتزع حبها من قلبه فقذف به من حالق. . . ولكن شتان بين أن يتمنى المرء وبين أن