نعت إلينا أنباء الهند الأخيرة العلامة الهندي الكبير السير جاجاديس شندرا بوزن أعظم علماء النبات المعاصرين، توفى في نحو الثمانين من عمره؛ وكان مولده بالهند في سنة ١٨٥٨، ودرس في كلكوتا وكامبردج؛ وبدأ حياته أستاذاً في جامعة كلكوتا، وتخصص في علم النبات وأبدى فيه براعة خاصة. ثم انقطع بعد ذلك لدراسة حياة النبات، ووفق أثناء تجاربه إلى عدة اكتشافات باهرة لفتت إليه أنظار العالم، وكان أهمها ما أثبته بالتجارب العلمية وهو أن النبات كأي إنسان يشعر ويحيا، وله كالإنسان نبض يمكن جسه وإحصاؤه؛ ولإثبات نظريته الجديدة اخترع السير بوز آلة سماها (كرسكوجراف) تسجل حياة النبات ونبضه، وتكبرها بنسبة مائة ألف مرة؛ وبهذا الآلة يمكن مشاهدة نمو النبات وتأثره بالعوامل الجوية، وبالعناصر الغريبة التي يلقح بها كالأسمدة أو السموم أو غيرها. وقد عرض السير بوز تجاربه في أنحاء العالم فحازت إعجاب العلماء وتقديرهم جميعاً. ومما يذكر أنه قدم إلى القاهرة في شتاء سنة ١٩٢٧، وعرض تجاربه أمام جمهور من العلماء والمشاهدين فأدهشهم جميعاً بما عرضه من حركات النبات ودلائل حسه ونبضه. وللسير بوز عدة آلات دقيقة أخرى اخترعها لتسجيل الحياة النباتية، وله عدة كتب تعتبر في هذا الباب مرجعاً وحجة، منها:
(جواب النبات)، (تهيج النبات)، (حركات الحياة في النبات)، (الجهاز العصبي للنبات) وغيرها؛ وهو يعتبر عميد العلوم النباتية في العصر الحديث.
مذكراتي في نصف قرن
منذ أيام قلائل صدر القسم الثالث والأخير من كتاب (مذكراتي في نصف قرن) بقلم الأستاذ الجليل أحمد شفيق باشا وقد استطاع قراء القسمين الأولين من هذه المذكرات النفيسة أن يقدروا اليد الجليلة التي أسداها الأستاذ شفيق باشا لتاريخ مصر الحديث بتدوين هذه المذكرات ثم بإخراجها؛ وكان تدوينها في الواقع عملاً دقيقاً شاقاً شغل حياة مدونها، بيد أنها كانت سلوى حياته لا يغفل عنها، ولا ينسى متابعتها قط مهما ادلهمت من حوله الخطوب