فضحكت ضحكة عالية كادت تخرق النقاب وقالت: السنهوري أغلظ كبداً من ذلك!
فقلت: وما صنع الدكتور عبد الوهاب عزام؟
فأجابت: أوَ كنت تحسبني أنتظر زيارة الدكتور عزام؟ إنه رجل أديب، ولكن انشغاله بالتحريم والتحليل لم يترك في قلبه مجالاً لرقيق الأحاسيس
فقلت: لقد مرّ الأستاذ أحمد أمين ببغداد منذ سنين، فماذا فعل؟
فقالت: هو رجل صافي الذهن، ولكن يظهر أنكم أوهمتموه في مصر أن العالم الحق لا يليق به أن يُشغَل بشؤون الوجدان
ثم أغرقتْ في صمت مُوحِش حسبتُه لوناً من العتاب
وجاءت أقداح الشاي، فتجرأتُ وقلت: وأين أكواب الصهباء؟ نحن في حضرة ليلى وتحت سماء بغداد!! فقالت: أنا امرأة مسلمة ونحن في رمضان؟ وأنتَ؟
فقلت: وهل حسبتني من الكافرين؟
وفهمتُ أنني أخطأت فغيّرت مجرى الحديث
- مولاتي ليلى!
- نعم، يا مولاي!
- إنما جئت للعناية بصحتك، كما تعلمين
- أعرف ذلك، وهو فضل سأذكره ما حييت. سأذكر أن الحكومة المصرية كانت أعرف الحكومات الشرقية بالواجب نحو امرأة عليلة أوحت ما أوحت من الشعر والخيال ثم أضرعها الداء فتناساها الأهل والأقربون
فقلت: البركة في الحكومة العراقية
فقالت: الحكومة العراقية؟ سامحها الله! هل تصدق يا دكتور أن الحكومة العراقية تبيح لمحطة الإذاعة أن تذيع جميع الأغاني والأناشيد، إلا الصوت الحزين:
يقولون ليلى في العراق مريضة ... فيا ليتني كنت الطبيب المداويا
وهنا تنبهت إلى أني لم أسمع هذا الصوت في بغداد
فقلت: وكيف تحرِّم الحكومة العراقية هذا الصوت؟
فأجابت: إن الحكومة في هذا الزمن لا تعرف غير الجيش والرماح والسيوف والمدافع،