وهي تبغض أحاديث الوجدان كل البغض، ولا يرضيها أبداً أن يتحدث إنسان عن ليلى المريضة بالعراق
فقلت: وكيف يصح ذلك وعندكم وزير مشرق الجبين هو المدفعيّ، وعندكم وزير أديب هو الشبيبي؟
فقالت: أما المدفعيّ فله من اسمه نصيب، لأنه منسوب إلى المدفع؛ وأما الشبيبي فلا تغرّنك بسماته العِذاب، فقد كان شاعراً فيما سلف، أما اليوم فهو من دواهي العراق، العراق الذي يعبد النضال
ومرت لحظات صمت كانت أبلغ من الإفصاح
- مولاتي ليلى!
- نعم يا مولاي!
- إنما جئت للاهتمام بصحتك
- أشكر لك يا دكتور، ولكنك تكرر هذه العبارة. فماذا تريد؟
- أريد أن أرى وجهك ويديك
- وهل تريد أن تخطبني؟
- ليس هذا ما أريد، فلي بحمد الله أهلٌ وأبناء
- إذن ماذا تريد؟
- اعقلي يا ليلى، إن الأمر كله جِدّ، والأمة المصرية تهتم بصحتك أبلغ اهتمام، وقد نزلت الحكومة عند إرادة الأمة فأوفدتني إليك، ثم بالغتْ في الاحتياط فأوعزتْ إلى الدكتور علي باشا إبراهيم أن يقترح على الجمعية الطبية أن تجعل مؤتمرها المقبل في بغداد، وأنا أحب ألا يعقد المؤتمر إلا وأنت في عافية الفرس الجموح، فإن لم يمكن ذلك فلا أقل من أن أقدِّم للمؤتمرين تقريراً ضافياً يشهد بأنني لم أضع الوقت في التعرف إلى عيون الظباء. وسيَقْدَم الدكتور محجوب ثابت وهو من خصومي، الألدّاء، وأخشى أن يشي بي فيصرح لمعالي الأستاذ نجيب الهلالي بك بأنني لم أكن في الحرص على مهمتي من الصادقين
وبدأت ليلى فكشفت عن يديها، فانخلع قلبي من الرُّعب، حين وقع البصر على تلك الأنامل الصُّفر الدِّقاق