العشرين، والذين أعطوه وأخذوا منه أحسن المثل وأقومها. بهذه التجربة وبتجارب أخرى أمثالها اثبت بيير فيلليه أثناء الأعوام الثلاثة التي قضاها في المدرسة أنه كان قادرا على النهوض بأعباء الاستقصاء العلمي وبأثقلها وأشدها تعقيدا.
ومن هنا دهشت البيئات العلمية، ولم ندهش نحن حين أظهر في سنة ١٩٠٨، بعد أن ظفر بإجازة الأجر بجاسيون - وبعد أن أتم دراسته في معهد تيير في ظل أميل بوترو الذي لقيه أحسن لقاء - كتابه الأول الذي عرض فيه مصادر كتاب - تطور فصوله.
وكان قد فكر في هذا الكتاب أثناء إقامته في مدرسة المعلمين وشجعه على ذلك الأستاذ جوستاف لنسون، ولأجل أن يبلغ من هذا البحث ما يريد، بدأ فنسخ كتاب مونتيني بيده خطا بارزا فكانت نسخته تبلغ عشرين مجلدا. ثم وضع حكم مونتيني وتجاربه في قصاصات من الورق، وكانت هذه القصاصات التي رتبها على حروف المعجم تملأ صندوقا ضخما لم يفارقه أعواما طوالا. وكذلك تسلح بهذه الأدوات وحفظ كتاب مونتيني عن ظهر قلب على اختلاف نسخه، ثم أخذ يبحث عن مصادره. فمن أراد أن يقدر هذه المحولة فليلاحظ ما أحاط بها من الظروف. فقد كان يجب أن يقرأ عليه كل المؤلفين الذين نقل عنهم مونتيني، وكل المؤلفين الذين كان يرجح أن مونتيني قد عرفهم في التراجم اللاتينية التي كانت معروفة في وقته، مثل سكستوس امبيريكوس، كزينوفون، ديوجين، لارس، أفلاطون، وفي التراجم الفرنسية المعروفة في ذلك الوقت تيودور الصقلي، هيرودوت، اريانوس، وفي النصوص الأولى من لوكريس إلى فاليريوس مكسيموس، أي كل ما كتبته روما القديمة تقريبا. ثم ما كتبه علماء النهضة من ارسم إلى جوست ليس. وإذنفقد بذل بيير فيلليه جهده هذا في قراءة ألف من الكتاب، ويمكن أن نقدر غنيمته المادية من هذا الجهد إذا نظرنا في الجزء الرابع من طبعته لكتاب مونتيني التي ظهرت سنة ١٩٢٠ ورأينا المراجع وقد رتبها على حروف المعجم بثمانية آلاف مرجع تتصل بأربعمائة من المؤلفين كتبوا باليونانية واللاتينية والإيطالية والفرنسية.
وبنحو هذه الطريقة وبمعونة طائفة من القراء كانوا يعيرونه أبصارهم إعارة آلية استطاع أن يتتبع تأثر المؤلفين والكتاب بمونتيني، فأظهر كتاب مونتيني ولوك وروسو، ثم مونتيني وبيكون، ثم مونتيني والألاهيين الإنجليز. هذه عنوانات لطائفة من أبحاثه ظهرت كتبا أو